وفي بادئ الأمر قد يخطر في ذهن الملاحظ أنّ هذا الجواب ليس صحيحا ، لأنّه لم يصنع شيئا سوى أنّه نقل التبعيض في الحجيّة من مرحلة الظهور التصديقي الأوّل إلى مرحلة الظهور التصديقي الثاني ، فإذا كان الظهور التضمني غير تابع للظهور الاستقلالي في الحجيّة فلما ذا لا نعمل على التبعيض في مرحلة الظهور التصديقي الأوّل؟ وإذا كان تابعا له كذلك فكيف نعمله في مرحلة الظهور التصديقي الثاني ونلتزم بحجيّة بعض متضمناته دون بعض؟
قد يقال : إنّ ما ذكره صاحب ( الكفاية ) لا يجيب عن التساؤل المطروح سابقا ؛ وذلك لأنّه لم يصنع شيئا سوى أنّه نقل التبعيض من الدلالة التصديقيّة الأولى إلى الدلالة التصديقيّة الثانيّة ، أي أنّه ادّعى أنّ المخصّص المنفصل يوجب التبعيض في المراد الجدّي لا في المراد الاستعمالي خلافا لما تقدّم سابقا من وجه سقوط الظواهر التضمنيّة المبني على أنّ الأداة استعملت مجازا ، وهذا لا يعد وأن يكون دعوى مقابل دعوى ، إذ لم يذكر النكتة والمناط الذي على أساسه يكون المخصّص المنفصل موجبا للتبعيض في مرحلة المدلول التصديقي الثاني ، فإنّه وان كان على حقّ في نقل هذا التبعيض إلى هذه المرحلة إلا أنّه لم يبيّن نكتة ذلك.
وعليه فيمكن لمعترض أن يقول : إنّ الظهور التضمني إذا كان تابعا للظهور الاستقلالي في الحجيّة فما دام قد علم بسقوط الظهور الاستقلالي فهذا يستلزم سقوط الظهور التضمني سواء كان التبعيض في مرحلة المدلول التصديقي الأوّل كما هو الادّعاء السابق ، أم المدلول التصديقي الثاني كما هو ادّعاء صاحب ( الكفاية ) ؛ لأنّه إذا كان ساقطا فلا يضرّنا كون التبعيض في الارادة الاستعمالية وأنّ الأداة مستعملة مجازا ، أو كونها مستعملة حقيقة والتبعيض في الإرادة الجديّة.
وإذا كان الظهور التضمني غير تابع للظهور الاستقلالي في الحجيّة بمعنى أنّه حتّى وإن سقط المدلول المطابقي عن الحجيّة فالمدلول التضمني لا يزال على الحجيّة فهنا نتمسّك بحجيّة هذا المدلول التضمني لإثبات بقاء الباقي تحت العام سواء كان التبعيض في الإرادة الاستعمالية أم في الإرادة الجديّة ، أي سواء كانت الأداة مستعملة حقيقة أم مجازا لأنّ الباقي ما دام حجّة فلا يضرنا الأوّل ولا ينفعنا شيئا زائدا الثاني.
والحاصل أنّ كلام الآخوند لم يصنع شيئا في الجواب على هذا الإشكال إذ مجرّد