اجتماع هاتين العلّتين معا بأن أكل وشرب فيكون المجموع منهما هو العلّة ، كما تقدّم بسبب طرو النقصان العرضي عليهما بسبب اجتماعهما (١).
الخامس : ويفترض فيه أيضا أنّا استفدنا العلّيّة على أساس سابق ، فيقال في كيفيّة استفادة الانحصار : إنّ تقييد الجزاء بالشرط على نحوين :
أحدهما : أن يكون تقييدا بالشرط فقط ، والآخر أن يكون تقييدا به أو بعدل له على سبيل البدل.
والنحو الثاني : ذو مئونة ثبوتيّة (٢) تحتاج في مقام التعبير عنها إلى عطف العدل بـ ( أو ) ، فإطلاق الجملة الشرطيّة بدون عطف بـ ( أو ) يعيّن النحو الأوّل. وقد ذكر المحقّق النائيني رحمهالله (٣) : أنّ هذا إطلاق في مقابل التقييد بـ ( أو ) الذي يعني تعدّد العلّة ، كما أنّ هناك إطلاقا للشرط في مقابل التقييد بـ ( الواو ) الذي يعني كون الشرط جزء العلّة ، وكون المعطوف عليه بـ ( الواو ) الجزء الآخر.
الوجه الخامس : لإثبات مفهوم الشرط هو أن يقال : إنّنا نستفيد اللزوم من خلال الوضع بأن ندعي أنّ الجملة الشرطيّة موضوعة لغة للربط اللزومي. ونستفيد العليّة من خلال التفرّع بأصالة التطابق بين مقامي الإثبات والثبوت ، أو على أساس الوضع أيضا. يبقى استفادة العلّة التامّة وكونها منحصرة وهذا يثبت بالتقريب التالي :
__________________
(١) ومن هنا كان الأصل الأوّلي هو عدم تداخل المسببات فيما بينها ، فإذا أكل ثمّ بعد ذلك شرب كان هناك وجوبان للكفّارة بحسب الأصل الأوّلي ، إلا إذا قام دليل خاصّ على التداخل وعدم تكرار الكفّارة.
يضاف إلى ذلك عدم صحّة الاستدلال بالقاعدة الفلسفيّة في مقامنا ؛ لأنّ الوجوب مثلا إن أريد به الوجوب الثابت في عالم الجعل والتشريع فهو معلول للشارع لا للشرط أو لغيره ، بمعنى أنّ الشارع هو الذي يجعل الوجوب لا الشرط ، وإنّما دور الشرط التقييد والتحصيص فقط.
وإن أريد به الوجوب في عالم المجعول فهو مجرّد اعتبار محض لا وجود له ؛ لأنّ عالم المجعول عالم افتراضي ليس إلا.
(٢) الظاهر وقوع تصحيف من الطبع في الكلمة وأنّ الصحيح إثباتيّة ، إذ لا معنى وجيه للمئونة الثبوتيّة.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٤١٨.