معناه الانتفاء عند الانتفاء ، وبضمّ كون المعلّق هو طبيعي الجزاء لا شخصه يثبت للجملة مفهوم.
وأمّا الجملة الثانية : ( إذا كسفت الشمس فصلّ ) فهذه لا مفهوم لها ؛ لأنّ الإطلاق في الجزاء مختلّ حيث ثبت أنّ الجزاء يثبت مع علّة أخرى وقد بيّن المتكلّم ذلك ، فيكون قد قيّد الجزاء بقوله : ( إذا خسف القمر فصلّ ) ، فالجملة مستعملة في معناها الموضوعة له وهو التوقّف ، غاية الأمر أنّ الركن الثاني هو المختلّ لعدم جريان الإطلاق ؛ لأنّه قد بيّن التقييد وذكره ولو منفصلا ، فلا مجازيّة هنا.
وأمّا الجملة الثالثة : ( إذا خفيت الجدران فقصّر ) ، فكان الشرط جزء العلّة لا العلّة التامّة ، فهذا أيضا ناشئ من عدم جريان الإطلاق في الشرط حيث ثبت القيد بدليل آخر ، وهو قوله : ( إذا خفي الأذان فقصّر ) الدالّ على أنّ الشرط وحده ليس العلّة بل هو جزءها ، وهذا لا يلزم المجازيّة ؛ لأنّ الجملة تدلّ على التوقّف أيضا بين الشرط والجزاء ، غاية الأمر كان التوقّف على جزء العلّة.
وأمّا الجملة الرابعة : ( إذا جاء زيد فتكون الساعة العاشرة ) ، فهي كالجملة السادسة :
( إذا شربت السمّ فتموت ) ، الجزاء فيها إخبار عن قضيّة خارجيّة أي إخبار عن النسبة التصادقيّة في الخارج بين هذا وذاك ، ولا مفهوم لهذه الجملة ؛ لأنّه يعلم بكذب هذه النسبة التصادقيّة وأنّ التصادق بينهما كان خطأ لا واقعيّة له ، فلا مجازيّة أيضا ؛ لأنّ الجملة تدلّ على التوقّف إلا أنّ المتوقّف عليه هو النسبة وقد تبيّن كذبها.
وأمّا الجملة الخامسة : ( إذا كان الإنسان ناطقا فالحصان صاهل ) ، فهي خطأ في التركيب وغلط ، إذ لا يوجد فيها أي نحو من التوقّف ولو ادّعاء ؛ لأنّ كون الحصان صاهلا لا يرتبط أصلا بكون الإنسان ناطقا ، فهذا من الخطأ في الاستعمال.
وبهذا يتمّ التوفيق بين ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة في موارد التوقّف وبين عدم المجازيّة في موارد عدم ثبوت المفهوم للجملة بالنحو الذي ذكرناه.
يلاحظ في كلّ جملة شرطية تواجد ثلاثة أشياء ، وهي : الحكم والموضوع والشرط ، والشرط تارة يكون أمرا مغايرا لموضوع الحكم في الجزاء ، وأخرى يكون محقّقا لوجوده.