تتألّف الجملة الشرطيّة من أداة الشرط ، والشرط ، والموضوع ، والجزاء ، كما في قولنا : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ).
فـ ( إذا ) أداة شرط ، والمجيء هو الشرط ، وزيد هو الموضوع ، ووجوب الإكرام هو مفاد الجزاء.
ثمّ إنّ الشرط الموجود في الجملة على قسمين :
الأوّل : أن يكون الشرط مغايرا لموضوع الحكم في الجزاء ، كما في قولنا : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) ، فإنّ المجيء الذي هو الشرط مغاير لزيد الذي هو موضوع الحكم ، بحيث إنّه إذا انتفى الشرط يبقى الموضوع موجودا.
الثاني : أن يكون الشرط محقّقا وموجدا لموضوع الحكم في الجزاء ، بحيث إذا انتفى الشرط ينتفي الموضوع أيضا ؛ لأنّه يوجد بالشرط ، كما في قولنا : ( إذا رزقت ولدا فاختنه ) فإنّ الشرط الذي هو رزق الولد ، والموضوع الذي هو الولد ليسا متغايرين ؛ لأنّ الولد لا يتحقّق إلا إذا رزقه الله تعالى ، فإذا انتفى الرزق فلا وجود للولد أصلا ، وهذا ما يسمّى بالجملة الشرطيّة المسوقة لتحقّق الموضوع.
ومن هنا يبحث في هذين القسمين حول ثبوت المفهوم للشرطيّة فيهما ، ولذلك قال :
فالأوّل كما في قولنا : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) فإنّ موضوع الحكم زيد ، والشرط المجيء ، وهما متغايران.
والثاني كما في قولنا : ( إذا رزقت ولدا فاختنه ) فإنّ موضوع الحكم بالختان هو الولد ، والشرط أن ترزق ولدا ، وهذا الشرط ليس مغايرا للموضوع ، بل هو عبارة أخرى عن تحقّقه ووجوده.
أمّا النحو الأوّل فالموضوع ثابت سواء تحقّق الشرط أو انتفى ، ولذلك يبحث في مثل هذه الجملة حول ثبوت المفهوم لها ، فبعد انتفاء الشرط عن الموضوع هل يبقى الحكم ثابتا للموضوع أم أنّه ينتفي عنه؟
بينما في النحو الثاني فالشرط محقّق وموجد للموضوع ، بحيث إنّه لو لا الشرط لم يكن الموضوع موجودا ، ولهذا فإذا انتفى الشرط انتفى الموضوع أيضا. فلا معنى للبحث عن ثبوت المفهوم لمثل هذه الجملة ؛ لأنّ الحكم ينتفي بانتفاء موضوعه فيكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع.