الموضوع بشرط آخر أيضا ، فهنا نحوان وطريقان لتحقّق الموضوع ، أحدهما الشرط الموجود ، والآخر شرط آخر ، كما في قوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) فإنّ النبأ الذي هو موضوع الحكم بوجوب التبيّن له نحوان من التحقّق والوجود ، فتارة يتحقّق بمجيء الفاسق بالنبإ ، وأخرى يتحقّق بمجيء العادل بالنبإ ، وهذا معناه أنّ الشرط الموجود وإن كان محقّقا للموضوع وموجدا له ، إلا أنّه ليس الأسلوب الوحيد لذلك ؛ لأنّ النبأ يتحقّق بشرط آخر أيضا وهو مجيء العادل.
ولذلك يبحث في ثبوت المفهوم وعدم ثبوته للجمل الشرطيّة المسوقة لتحقّق الموضوع على أساس هذين التقسيمين ، فنقول :
ففي القسم الأوّل : لا يثبت مفهوم الشرط ؛ لأنّ مفهوم الشرط من نتائج ربط الحكم بالشرط وتقييده به على وجه مخصوص ، فإذا كان الشرط عين الموضوع ومساويا له فليس هناك في الحقيقة ربط للحكم بالشرط وراء ربطه بموضوعه ، فقولنا : ( إذا رزقت ولدا فاختنه ) في قوّة قولنا : ( اختن ولدك ).
إنّ مفهوم الشرط متوقّف على وجود ربطين في الجملة الشرطيّة : أحدهما : ربط الحكم بالموضوع ، والآخر : ربط الحكم وموضوعه بالشرط.
والربط الأوّل لا يوجب ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة ؛ لأنّ كلّ حكم مرتبط بموضوعه بحيث إذا انتفى الموضوع انتفى الحكم المرتبط به ، كما هو الحال في كلّ جملة فيها موضوع وحكم ، كقولنا : ( أكرم العالم ) فإنّ وجوب الإكرام مرتبط بالعالم الذي هو الموضوع ، فإذا انتفى الموضوع ينتفي الحكم المرتبط به تبعا للعلاقة بين الحكم والموضوع ، وهو المسمّى بالسالبة بانتفاء الموضوع.
وأمّا الربط الثاني فهو يوجب ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة ، فيما إذا كان ربط الحكم وموضوعه بالشرط بالنحو الخاصّ الموجب للانتفاء عند الانتفاء وهو التوقّف.
فقولنا : ( إذا جاء زيد فأكرمه ) يرتبط وجوب إكرام زيد بمجيئه ، فهنا إذا انتفى المجيء ينتفي وجوب إكرام زيد ؛ لأنّه متوقّف ومعلّق على مجيئه كما تقدّم سابقا ويكون للجملة مفهوم.
والحاصل : أنّ ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة موقوف على أن يكون هناك ربط بين