إذ لا يمكن جريان الإطلاق وقرينة الحكمة في مفاد الهيئة ( أكرم ) ؛ وذلك لأنّه إن أريد من الإطلاق لمفاد الهيئة الإطلاق الأحوالي ، فمن الواضح أنّ الوجوب لا يثبت في كلّ الحالات ، بل في خصوص الفقير العادل تبعا لتقيّد الحكم بموضوعه والموضوع بوصفه ، وإن أريد من الإطلاق الإطلاق الأفرادي أي كلّ أفراد الوجوب حتّى الوجوب الثابت لغير الفقير ولغير العادل فهذا لا يمكن إثباته ؛ لأنّ الوجوب هنا مقيّد بالفقير تبعا لتقييد الإكرام بالفقير.
وبهذا يتّضح أنّه لا يمكن جريان الإطلاق ؛ لأنّ الوجوب مقيّد ومع وجود القيد لا يجري الإطلاق ، ولذلك فلا مفهوم للجملة الوصفيّة.
وأمّا إذا لم نأخذ بمسلك المحقّق العراقي ، فبالإمكان أن نضيف إلى ذلك أيضا منع دلالة الجملة الوصفيّة على ذلك الربط المخصوص الذي يستدعي الانتفاء عند الانتفاء ، وهو التوقّف.
وأمّا إذا لم نأخذ بمسلك المحقّق العراقي ، وسلكنا المسلك المختار من أنّ إثبات المفهوم يتوقّف على ركنين أحدهما إثبات التوقّف ، والآخر إثبات أنّ المعلّق هو الطبيعي ، والثاني قد اتّضح ممّا سبق عدم تماميّته ، ونضيف إلى ذلك أنّ الركن الأوّل أيضا وهو التوقّف الموجب للانتفاء عند الانتفاء غير موجود أصلا.
وتوضيح ذلك : أنّ الجملة الوصفيّة كقولنا : ( أكرم الفقير العادل ) لا بدّ من البحث فيها لإثبات ما يدلّ على التوقّف ، سواء بنحو المعنى الحرفي أو بنحو المعنى الاسمي ، وسيتّضح عدم وجود شيء في الجملة
الوصفيّة يصلح لإثبات التوقّف أصلا ، وبيان ذلك :
فإنّ ربط مفاد ( أكرم ) بالوصف إنّما هو بتوسّط نسبتين ناقصتين تقييديّتين ؛ لأنّ مفاد هيئة الأمر مرتبط بذاته بمدلول مادّة الفعل ، وهي مرتبطة بنسبة ناقصة تقييديّة بالفقير ، وهذا مرتبط بنسبة ناقصة تقييديّة بالعادل ، ولا يوجد ما يدلّ على التوقّف والالتصاق لا بنحو المعنى الاسمي ولا بنحو المعنى الحرفي.
إنّ قولنا : ( أكرم الفقير العادل ) تحتوي على عدّة نسب تقييديّة ، وهي :
١ ـ نسبة تقييديّة بين الحكم والمادّة ، أي بين الوجوب والإكرام.
٢ ـ نسبة تقييديّة بين وجوب الإكرام وبين الفقير.