ولتوضيح المسألة : يمكننا أن نحوّل الغاية من مفهوم حرفي مفاد بمثل ( حتّى ) أو ( إلى ) إلى مفهوم اسمي مفاد بنفس لفظ ( الغاية ) ، فنقول : تارة ( وجوب الصوم مغيّا بالغروب ) ، ونقول أخرى : ( جعل الشارع وجوب الصوم المغيّى بالغروب ).
والتحقيق أن يقال : إنّ جمل الغاية تدلّ على الغاية فيها بعض الحروف الموضوعة لغة للغاية ، ككلمتي ( إلى ) و ( حتّى ) فإذا قلنا : ( صم إلى الليل ) كانت الجملة دالّة على الغاية بنحو المعنى الحرفي ، وكلّ معنى حرفي يوازيه معنى اسمي ، فإذا أردنا أن نعبّر عن هذا المعنى الاسمي الموازي للمعنى الحرفي وجدنا أنّه بالإمكان التعبير عنه بأحد تعبيرين هما :
١ ـ وجوب الصوم مغيّا بدخول الليل.
٢ ـ جعل الشارع وجوب الصوم المغيّى بدخول الليل.
فعلى الأوّل يثبت للجملة مفهوم بخلافه على الثاني.
بيان ذلك :
وبالمقارنة بين هذين القولين نجد أنّ القول الأوّل يدلّ عرفا على أنّ طبيعي وجوب الصوم مغيّا بالغروب ، لأنّ هذا هو مقتضى الإطلاق. فكما أنّ قولنا : ( الربا ممنوع ) يدلّ على أنّ طبيعي الربا ومطلقه ممنوع ، كذلك قولنا : ( وجوب الصوم مغيّا ) يدلّ على أنّ طبيعي وجوب الصوم مغيّا ، فوجوب الصوم بمثابة الربا ، ( ومغيّا ) بمثابة ( ممنوع ) ، فتجري قرينة الحكمة على نحو واحد.
__________________
٣ ـ أن تكون الغاية راجعة لمتعلّق الحكم ، كقولنا : ( صم إلى الليل ) فإلى الليل هنا غاية للصوم الذي هو متعلّق للوجوب.
٤ ـ أن تكون الغاية راجعة للنسبة الحكميّة كقولنا : ( أكرم زيدا إلى أن يقدم الحاج ) فالغاية هنا راجعة إلى النسبة الوجوبيّة المدلول عليها من هيئة الجزاء في ( أكرم ) فإنّه يدلّ على النسبة ، فيكون المراد ( وجوب إكرام زيد مغيّا بقدوم الحاجّ ).
وهذا النحو الأخير هو الذي استظهره المحقّق العراقي في كلّ الجمل الشرطيّة.
وأمّا المحقّق النائيني ومدرسته فذهب إلى التفصيل بين هذه الأنحاء الأربعة ، بالشكل التالي :
إذا كانت الغاية راجعة لمتعلّق الحكم أو للموضوع فلا مفهوم.
إذا كانت الغاية راجعة للنسبة الحكميّة فيثبت المفهوم.
إذا كانت الغاية راجعة للحكم فقال الميرزا بعدم ثبوت المفهوم وقالت مدرسته بثبوته.