المفاهيم
لا شكّ في أنّ المفهوم مدلول التزامي للكلام ، ولا شكّ أيضا في أنّه ليس كلّ مدلول التزامي يعتبر مفهوما بالمصطلح الأصولي.
ومن هنا احتجنا إلى تعريف يميّز المفهوم عن بقية المدلولات الالتزاميّة.
المفهوم : هو المدلول الالتزامي للكلام ، بخلاف المنطوق فإنّه المدلول المطابقي للكلام ، وهذا المقدار ممّا لا شكّ فيه. إلا أنّ المداليل الالتزاميّة للكلام كثيرة وليس كلّها تسمّى مفهوما بالمصطلح الأصولي ، بل خصوص واحد منها ، ولذلك تكون النسبة بينهما هي العموم والخصوص المطلق.
فمثلا حرمة الضدّ مدلول التزامي لوجوب ضدّه ، فإذا وجبت الصلاة كان مدلولها الالتزامي حرمة تركها أو فعل المنافي لها المؤدّي إلى فواتها. ووجوب المقدّمة مدلول التزامي لوجوب ذيها ، فإذا وجب الحجّ وجب السفر إلى مكّة قبل يوم عرفة للنائي.
وبطلان العبادة مدلول التزامي للنهي عنها ، فإذا قيل : ( لا تصلّ في المغصوب ) كان لازمه بطلان الصلاة فيه. ووجوب صلاة الجمعة يدلّ بالالتزام على عدم وجوب الظهر يوم الجمعة ، وطلوع الفجر يدلّ بالالتزام على ذهاب الليل. ووجود أحد الضدّين يدلّ بالالتزام على انتفاء الضدّ الآخر. ووجود الوصف يدلّ على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف ، وهكذا الشرط والغاية ونحو ذلك.
ومن الواضح أنّ هذه المدلولات الالتزاميّة ليست كلّها مفهوما بالمصطلح الأصولي وإن كانت مفهوما لفظيّا للكلام ، بمعنى أنّها تفهم من وراء هذه الألفاظ ؛ ولأجل ذلك نحتاج في بيان المفهوم بالمصطلح الأصولي إلى تعريف يميّز هذا المدلول الالتزامي الذي يسمّى مفهوما أصوليّا عن سائر المداليل الالتزاميّة الأخرى.