١ ـ وجوب الصوم ، أي أنّ الشارع أنشأ وجعل الوجوب على هذه المادّة التي هي الصوم.
٢ ـ الصوم المغيّى ، أي أنّ هذا الصوم متّصف بكونه مغيّا.
٣ ـ المغيّى بالغروب ، وهذه الغاية هي الغروب.
وينتج من ذلك أنّ الصوم المغيّى بالغروب قد شرّعه الشارع وجعله واجبا.
وهذا لا ينافي أن يصدر من الشارع تشريعا آخر لصوم غير مغيّا بالغروب ويجعله واجبا ، فلا منافاة بين الدليلين لو صدرا من الشارع ؛ لأنّ كلاّ منهما يتحدّث عن وجوب للصوم غير الآخر وعن صوم غير الآخر ، فلا تعارض بينهما ، بل يكون كلّ منهما موجبة جزئيّة فقط ، والمنتفي في كلّ منهما إنّما هو شخص الحكم المبرز والمجعول لا مطلق الحكم والوجوب.
وبهذا يظهر أنّ القول الثاني لا يمكن أن يثبت المفهوم لجملة الغاية ؛ لأنّه لا يثبت أكثر من كون الغروب ودخول الليل قد جعل غاية لذاك الوجوب الذي جعله الشارع والذي هو وجوب مقيّد لا مطلق ، ولأجل ذلك فلا يمكن جريان الإطلاق وقرينة الحكمة فيه ؛ لأنّ الوجوب المرتبط بالغاية إنّما يرتبط بها عن طريق نسبتين ناقصتين تقييديّتين هما : ( وجوب الصوم ) و ( الصوم المغيّى ) ، فيكون هناك حصّة خاصّة من الوجوب كما هو مقتضى التحصيص المستفاد من الجملة الوصفيّة الناقصة.
فإذا اتّضح هذا يتبيّن أنّ إثبات مفهوم الغاية في المقام وأنّ المغيّى هو طبيعي الحكم ، يتوقّف على أن تكون جملة ( صم إلى الليل ) في قوّة قولنا : ( وجوب الصوم مغيّا بالغروب ) ، لا في قوّة قولنا : ( جعلت وجوبا للصوم مغيّا بالغروب ).
فإذا أردنا أن نثبت أنّ للغاية مفهوما يجب أن نستظهر من جمل الغاية أنّ المغيى فيها هو طبيعي الحكم لا شخصه ، وهذا الاستظهار يتوقّف على إثبات أن تكون جملة الغاية في قوّة القول الأوّل لا القول الثاني.
فجملة ( صم إلى الليل ) لكي يكون لها مفهوم يجب أن تكون في قوّة قولنا :
( وجوب الصوم مغيّا بالليل ) فحينئذ يكون للجملة مفهوم ؛ لأنّ المعلّق عليه هو طبيعي الحكم بعد جريان الإطلاق وقرينة الحكمة فيه لأنّه اسم جنس محلّى بـ ( اللام ).
وأمّا إذا كانت هذه الجملة بقوّة قولنا : ( جعلت وجوبا للصوم مغيّا بالليل ) فلا