ويرد على هذا التعريف سواء أريد منه اللازم البيّن بالمعنى الأعمّ أو بالمعنى الأخصّ أو كليهما ، أنّهم قد استدلّوا على ثبوت المفهوم في بعض الجمل بأدلّة عقليّة أو فلسفيّة محضة غير بيّنة ولا واضحة عرفا. من قبيل استدلالهم على ثبوت مفهوم الشرط بالقاعدة الفلسفية القائلة بـ ( أنّ الواحد لا يصدر إلا من واحد ) ، وهذه القاعدة ليست عرفيّة ولا بيّنة أصلا ، بل هي لازم غير بيّن.
مضافا إلى أنّ بعض اللوازم بالمعنى الأخصّ ليست من المفهوم ، فمثلا إذا قيل : ( إنّ الماء مطهّر ) فلازمه الأخصّ البيّن عرفا أنّه طاهر ، مع أنّ هذا اللازم ليس مفهوما بالمصطلح الأصولي.
فهذا التعريف غير تامّ ؛ لأنّه غير مانع كما في النقض الأوّل ، وغير جامع كما في النقض الثاني.
فالأولى أن يقال : إنّ المدلول الالتزامي تارة يكون متفرّعا على خصوصيّة الموضوع في القضيّة المدلولة للكلام بالمطابقة على نحو يزول باستبداله بموضوع آخر ، وأخرى يكون متفرّعا على خصوصيّة المحمول بهذا النحو ، وثالثة يكون متفرّعا على خصوصيّة الربط القائم بين طرفي القضيّة على نحو يكون محفوظا ولو تبدّل كلا الطرفين.
والتحقيق : أنّ المدلول الالتزامي للكلام على ثلاثة أنحاء :
الأوّل : أن يكون المدلول الالتزامي متفرّعا على خصوصيّة الموضوع الموجود في الكلام ، بنحو إذا أبدلنا هذا الموضوع بموضوع آخر انتفى المدلول الالتزامي السابق. كما إذا قيل مثلا : ( أكرم ابن العالم ) فإنّه يدلّ التزاما على وجوب إكرام العالم نفسه ، إلا أنّ هذا المدلول الالتزامي مرتبط بهذا الموضوع بخصوصه ؛ وذلك لوجود خصوصيّة وملاك فيه ، فلو أبدل بموضوع آخر كقولنا : ( أكرم اليتيم ) فلا يدلّ التزاما على وجوب إكرام أمّه مثلا.
وهذا النحو من المدلول الالتزامي ليس من المفهوم المصطلح بشيء ، وإن أطلق عليه اسم مفهوم الأولويّة أو مفهوم الموافقة ؛ لأنّ البحث أصوليّا عن مفهوم المخالفة فقط.
الثاني : أن يكون المدلول الالتزامي متفرّعا على خصوصيّة في المحمول الموجود في