قال السيوطي : قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه ، وهو الذي ضرب أباحنيفة على القضاء ، ثم سجنه فمات بعد أيام ، وقيل : إنه قتله بالسم لكونه أفتى بالخروج عليه ، وكان فصيحا بليغا مفوّها خليقا للإمارة ، وكان غاية في الحرص والبخل ، فلقب «أبا الدوانيق» لمحاسبته العمال والصناع على الدوانيق والحبات (١).
وكان المنصور أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين ، وكانوا قبل شيئا واحدا. وفي عهده كان خروج الأخوين محمد وإبراهيم ابني عبداللّه بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فظفر بهما المنصور فقتلهما وجماعة كثيرة من آل البيت ، فإنا للّه وإنا إليه راجعون (١).
ولقسوته واسرافه في الدماء ابتعد عنه الكثير من كبار أئمة وعلماء المسلمين ، ومن الذين ابتعدوا عن المنصور الإمام جعفر الصادق عليهالسلام على الرغم من جميع المحاولات التي بذلها لاقناعه ، ومنها كتابه الذي أرسله إلى الإمام ، وقال له فيه لم لاتغشانا كما يغشانا الناس؟ وجواب الإمام له : «ليس لدينا من الدنيا ما نخافك عليه ، ولا من الآخرة ما نرجوك به» (٢).
المنصور والعلويون : كان البيت العباسي بين جهل وخمول بعد عبداللّه ابن عباس ولولا انتسابهم إلى عم الرسول لم يرد لأحد منهم ذكر في التاريخ؛
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٠٠.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٠٢.
(٣) كشف الغمة ٢ : ٤٢٧ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٤٢٧ / ١٤١٦١.