مني بنتا ، فنشأت وبلغت ، وهي أيضا لاتعرفني ، ولا تدري من أنا! فقالت لي أمها : زوّج ابنتك بابن فلان السقاء! وهو رجل من جيراننا ، فإنّه أيسر منا ، وقد خطبها ، ألحت عليّ ، فلم أقدر على إخبارها بأنها بنت رسول اللّه ، فجعلت تلح عليّ ، فلم أزل استكفي اللّه أمرها ، حتى ماتت البنت بعد أيام! فلم أجدني آسى على شيء من الدنيا أساي على أنها ماتت ، ولم تعلم بموضعها من رسول اللّه صلىاللهعليهوآله !
قال يحيى : ثم أقسم عليّ عمي أن انصرف ، ولا أعود إليه ، وودّعني (١).
الهادي : وفي عهده كان واليه على المدينة شديد الحنق على الطالبيين؛ أساء إليهم وسامهم صنوف العذاب ، فحجر عليهم أن يخرجوا من المدينة ، وطالبهم أن يعرضوا عليه أنفسهم كل يوم! وكان يلصق بهم تهمة معاقرة الخمرة زورا وبهتانا ، ويقيم عليهم الحد ، ويشهّر بهم! وأرسل يوما في طلب الحسين بن علي بن الحسن ، وأسمعه كلاما قاسيا ، وتهدده وتوعده مما أدى إلى خروجه ، فقتُل هو وأكثر من كان معه بمكان يسمى (فخّ) على بعد ستة أميال من مكة المكرمة ، وأقام القتلى ثلاثة أيام لم يواروا حتى أكلتهم السباع والطير ، ومن أُسر منهم قُتل صبرا (٢).
وبالرغم من قصر أيامه فقد استطاع أن يقوم بعمل تاريخي ، ويسجل
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٤٥ ـ ٣٤٧.
(٢) تاريخ الطبري ٨ : ١٩٢ ـ ٢٠٣ حوادث سنة ١٦٩ ، مروج الذهب ٣ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الكامل في التاريخ ٥ : ٢٦٥ ـ ٢٦٨ ، البداية والنهاية ١٠ : ١٥٧.