البلاط الملكي ، إثر دخول الإمام الرضا عليهالسلام البلاط وليا للعهد ، ولو عن كره منه. لقد أدرك مبكرا أن المأمون يدبّر لأمر خطير حين كان يصرّ عليه بقبول ولاية العهد ، أهون ما فيه أن يظهر للناس أن الرضا ما زهد في الدنيا إلاّ بعد أن زهدت فيه؛ وامتنعت عنه ، ولو وجد السبيل إليها لتقبلها بغبطة وسرور. وما زال المأمون يصرّ عليه بقبول ولاية العهد ويهدده بالقتل إن هو أبا ، حتى قبل ذلك ، ولكن على شرط ارتضاه المأمون ، وهو قول الإمام الرضا عليهالسلام : «أقبل على أن لا آمر ، ولا أنهى ، ولا أقضي ولا أغير شيئا». فأجابه المأمون إلى ذلك (١).
ولمّا أعيت المأمون الحيل في أمر الرضا اغتاله بالسم (٢).
كما سعى هذا الداهية هو وحاشيته إلى النَّيل من الإمام الجواد عليهالسلام ـ بعد أن زوّجه ابنته أم الفضل ليكون تحت رقابتها الدائمة ـ وإسقاطه في أعين الناس ، حيث وصل به خبث السريرة إلى أنّهم أرادوا تقييد الإمام وشدّ وثاقه وسقيه خمرا إلى حدّ الإسكار ، ثمّ إخراجه ـ بعد فكّ وثاقه ـ إلى الناس على تلك الحالة ، ولكنّ اللّه أبطل كيدهم قبيل تنفيذ جريمتهم فزرع في قلوبهم الرعب فامتنعوا عن ذلك خشية من عواقب هذا الأمر على دولتهم في حال انكشاف حقيقته أمام الناس (٣).
المعتصم والواثق : مات المأمون سنة ٢١٨ هـ ، وفيها بويع لأخيه
__________________
(١) علل الشرائع ١ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ / ١ باب ١٧٣ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٨ / ٣ باب ٤٠.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤٥٧.
(٣) رجال الكشي : ٥٦٠ / ١٠٥٨ في ترجمة محمد بن أحمد المحمودي.