فيما قد يحدث من اضطهاد وحرمان.
ويقف المتأمل وقفة أُخرى عند قوله : «وأنا أحق من غيَّر» فهو تعبير عن شعوره بدوره التاريخي الذي يتحتم عليه أن يقوم بأدائه.
ولم يكن المغزى الاجتماعي للثورة مدركا من قبل الحسين عليهالسلام وحده ، فقد كان المسلمون يحسون بضرورة العمل على تطوير واقعهم السيء إلى واقع أحسن ، أدرك هذا أولئك الذين كتبوا إلى الحسين عليهالسلام يطلبون منه القدوم إلى العراق. وأدرك هذا أولئك الذين صبروا أنفسهم على الموت معه.
والذين كتبوا إليه من العراق لم يكونوا أفرادا معدودين ، وإنما كانوا كثيرين جدا. ففي المؤرخين من يقول أن كتب أهل العراق إلى الحسين عليهالسلام زادت على مئة وخمسين كتابا (١). وقال مؤروخون آخرون إنه قد اجتمع عند الحسين عليهالسلام في نوب متفرقة اثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق. ونستطيع أن نكوِّن فكرة صحيحة عن ضخامة عدد الكتب التي دعت الحسين عليهالسلام إلى القيام بالثورة ، إذا قرأنا هذا الخبر الذي رواه أغلب المؤرخين : وهو أن الحسين عليهالسلام لما لقي الحر بن يزيد كان من جملة ما قاله للحر ومن معه : «أما بعد أيها الناس؛ فإنكم إن تتقوا اللّه ، وتعرفوا الحق لأهله ، يكن أرضى للّه ، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، وإن أنتم كرهتمونا ، وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٣ : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.