وهذا يبرز بوضوح عظيم تأثير ثورة الحسين عليهالسلام في تغذية الروح الثورية ومدها بالعطاء. فما ثورة زيد إلاّ قبس من ثورة جده في كربلاء.
ثورة النفس الزكية وأخيه
هو محمد بن عبداللّه بن الحسن السبط ، المعروف بالنفس الزكية لزهده ونسكه. وكان أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور قد بايعا له بالخلافة أيام التخطيط للثورة ضد الأمويين ، وتحت شعار «الرضا من آل محمد». غير أن العباسيين كانوا يضمرون سرا آخر ، فحرفوا مسير الثورة واستقلوا بها ، فامتنع النفس الزكية وأخوه إبراهيم عن البيعة لهم. ولم تتصد لهم الدولة الجديدة لانشغالها في توطيد أمرها ومواجهة مشكلاتها الأخرى. فلما كانت أيام أبي جعفر الدوانيقي (المنصور) أفرغ اهتمامه لإخضاعهما ، فكانا يفران من مدينة إلى أخرى ويدعوان الناس إلى النصرة ، وفي هذه الاثناء كان المنصور الدوانيقي قد اعتقل أباهما عبداللّه بن الحسن والعديد من العلويين.
وفي سنة ١٤٥ هـ ، حيث توالت الأحداث وطالت المطاردة ، علم المنصور أن النفس الزكية قد عاد إلى المدينة المنورة ، وأخذ البيعة من الناس بالخلافة وتلقب بأمير المؤمنين ، وقد تابعه العديد من القبائل العربية في الحجاز ، وأنفذ دعاته إلى الآفاق ، حتى إن مالك بن أنس قد أفتى بالخروج معه ، فلما قال بعض أهل المدينة : إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر قال : إنّما بايعتم مكرهين وليس على المكره يمين.
لم يكن النفس الزكية يريد إعلان الثورة في هذا الوقت ، حتى يستكمل دعاته في الأمصار مهماتهم ، غير أن جملة الأحداث قد ألجأته إلى هذا تحت