فشاخت وضعفت واستنفدت معظم قواها في مقارعة الصليبيين برا وبحرا وفي إخماد الفتن.
وفي العام ٥٦٤ هـ بدا أن تهديدا صليبيا ربما وصل إلى مصر نفسها وذلك في عهد الخليفة العاضد آخر الخلفاء. وقد أيقن العاضد أن لا قبل له بمقاومة الصليبيين وأن جيوشه في وضع لاتستطيع معه الصمود في وجه الزحف الفرنجي ، فلم يتردد لحظة واحدة في أن يضع خلافته وملكه وكل بلاده في أيدي غير فاطمية ، يعرف مطامعها به ويدرك ما تضمره لما يعتقد ، ولم يتوان في أن يسلمها كل شيء ما دامت تستطيع المعاونة على دفع الصليبيين عن مصر ، وأقدم على تضحية ليس لها شبيه ولا نظير.
لقد أرسل يستدعي نور الدين محمود ، وهو يعلم ما فعل نور الدين بالشيعة في حلب وغير حلب ، أرسل يستدعيه ليحتل بلاده بمن شاء من قواده ، وقصَّ شعور نسائه وأرسلها مع كتب الاستنجاد ، قائلاً لنور الدين : «هذه شعور نسائي من قصري يستغثن بك لتنقذهن من الفرنج».
فكانت خاتمة الدولة الفاطمية ، وهي أشرف خاتمة تصنعها دولة من الدول لنفسها بيديها.
الدّولة الحمدانية
(٣٣٣ ـ ٤٠٦ هـ)
جد الحمدانيين الذي ينتسبون إليه هو حمدان بن حمدون التغلبي. وكان له ثمانية أبناء ، هم : أبو الهيجاء عبداللّه والد سيف الدولة ، وأبو إسحاق إبراهيم ،