«أظهر عضد الدولة من تعظيم الخلافة ما كان دارسا ، وجدد دار الخلافة حتى صار كل محل منها آنسا» ويرى الأستاذ الشريف أن العصر البويهي عصر «حرية المذاهب» ويستند على أقوال الصاحب ابن عباد في رسائله حيث يقول : «وقد كتبت في ذلك كتابا أرجوه أن يجمع على الألفة ويحرس من الفرقة وينظم على تلك المنازعة والجنوح إلى الموادعة ، فإنّ المهادنة تجمل بين الملتين فكيف بين النحلتين ، واللّه نسأل توفيقنا لأنفسنا وأنفسهم».
ويعلق على ذلك الدكتور فاروق عمر وهو ينقل هذا الكلام في كتابه (الخلافة العباسية في عصر الفوضى العسكرية) قائلاً : «على أن لهذه السياسة جانبها الإيجابي حيث لجأت المذاهب المتنازعة إلى المنطق والفلسفة وعلم الكلام لتأييد آرائها ، فحدثت نهضة علمية وكثرت التصانيف في المناظرات وأسست دور العلم».
بغداد في عهد بني بويه
قال الأستاذ طه الراوي في رسالته عن بغداد : في عهد بني بويه وصل العلم والأدب في بغداد إلى القمة العليا فنشأ أكابر المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين والمؤرخين والكتاب والشعراء وأساطين علوم العربية والحذاق في المعارف الكونية. وكان لبعض ملوكهم آثار في العمران وحسنات على أهل الفضل وأقمار الأدب ، ففي عهدهم تولى الوزارة في إيران أبوالفضل بن العميد وابنه أبو الفتح والصاحب ابن عباد ، وفي بغداد أبو محمد المهلبي الذي أفاض على رجالات العلم والأدب شيئا من حسناته وفيضا من نعمه.