٤٩٥ هـ وكانت أجمة قصب تأوى إليها السباع ، فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنق أصحابه بمثل ذلك وصارت ملجأ ، وقد قصدها التجار وصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة ، فلما قتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ، وللشعراء فيها أشعار كثيرة ... » (١).
رأى الأمير سيف الدولة صدقة أن السلاجقة قد قسموا العراق إلى إقطاعات بين قوادهم ومحسوبيهم من الأتراك ، وقد أخذ هؤلاء يعيثون فسادا؛ فالأمن مفقود ، والعدل معدوم ، والناس في بلاء ، لذا أخذ سيف الدولة ينتهز الفرص لتطهير البلاد العراقية من هؤلاء الظلمة الجائرين ، وإحقاق الحق ونشر راية العدل. عزم على توسيع إمارته.
كان الأمير دبيس يرى أن الخلافة العباسية ـ في عصره ـ صارت اسما بلا مسمى ، لذهاب المنعة والشوكة والعصبية التي هي الأساس في قيام الدولة وبقائها ، وقد خرج الأمر من يدها إلى السلاجقة. فكان يرى أنه أحق بالكل من العباسيين لوجود المنعة والشوكة العصبية ، فكان لذا محط آمال العراقيين؛ فالتفت حوله القبائل العراقية من عربية وكردية لأنه الوحيد الذي يمكن أن يناضل السلاجقة ويقارعهم.
النهضة العلمية والأدبية في الحلة في عهد المزيديين
بدأت النهضة العلمية والأدبية في الحلة منذ مصّرها الأمير سيف الدولة
__________________
(١) معجم البلدان ٣ و ٤ : ١٧٦.