صدقه المزيدي وبلغت هذه النهضة أوج عظمتها طيلة القرن السادس الهجري فصارت دار هجرة لطلاب العلوم والمعارف والآداب فقصدها عشاق الفضيلة ليدرسوا العلوم على علمائها الأعلام فنبغ فيها العلماء والحكماء والأدباء ، وذاع صيتهم مدى الآفاق. ولا تزال مصنفاتهم متداولة بين أيدي أرباب العلم والأدب عدا ما تلف ، وهو الكثير الذي لعبت به أيدي العبث والفساد ونوائب الزمن الشداد.
كانت الحلة في ذلك العهد من أرقى المدن الإسلامية بالنسبة لرقيها العلمي والأدبي ، وكانت تعتبر مدرستها أكبر جامعة إسلامية في ذلك العهد.
فقد صارت الحلة في عهد سيف الدولة مقصد الأدباء والشعراء والعلماء لما يلقونه من رعاية وتشجيع من قبله. فقد كان يجزل لهم العطاء والبذل حتى أن بعض من وفد إليها اتخذها موطنا له بدل موطنه الأصلي ، مثل أبى المعالي الهيتي المعروف بالفارسي ، ومثل أبي عبد اللّه محمد بن خليفة السنبسي وغيرهما الكثير.
دولة بني عمار
(٤٥٩ ـ ٥٠٢ هـ ، ١٠٧٠ ـ ١١٠٩ م)
ينحدر بنو عمار في الأصل من قبيلة «كتامة» المغربية الافريقية. وقد اعتنقت هذه القبيلة المذهب الشيعي الذي انتشر في شمال أفريقية. وعندما قامت الدولة الفاطمية ، تولّى شيوخ هذه القبيلة مراكز قيادية في مصر والشام ، فكان منهم «أبو محمد الحسن بن عمار». وقد ظهر على مسرح الأحداث في