وقوله تعالى : «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ» (٤).
إن ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل ، ولا يكفي أن تكون الشريعة التي جاء بها النبي توافق العقل ، فإنّ صحة النبوّة لها طريق آخر للاثبات ، وهو أن يكون صاحبها على اتصال بالعالم العلوي الوحي ، وقد انيطت به هذه المسؤولية من قبل اللّه تعالى ، وهذا الإدعاء يفتقد إلى دليل لإثباته.
ذلك أن الوحي والنبوة اللذين يدعيهما المرسل ، لم يكونا ليحصلا في سائر الناس ، والذين هم مثله ، ولابد من قوة غيبية قد أودعها اللّه تعالى نبيه بنحو يخرق العادة به ، والتي بواسطتها يصغى إلى كلام اللّه تعالى ، ويوصله إلى الناس وفقا لمسؤوليته ، وإذا كان هذا المعجز صحيحا ، فالرسول يريد من اللّه تعالى أن يعينه على معجز آخر ، كي يصدّق الناس نبوته ومدعاه.
ويتضح أن مطالبة الناس الأنبياء بالمعجزة أمر يوافق المنطق الصحيح ، وعلى الأنبياء لإثبات نبوتهم أن يأتوا بالمعجزة ، إما ابتداءً أو وفقا لما يطالب به المجتمع.
والقرآن الكريم يؤيد هذا المنطق ، ويشير إلى معاجز الأنبياء إما ابتداءً أو بعد مطالبة الناس إياهم.
كان الناس يطالبون النبي صلىاللهعليهوآله بالمعجزة ، كما كانوا يطالبون سائر الأنبياء
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٨٩.