كلمة المركز
الحمد للّه رب العالمين ، وصلى اللّه على نبينا محمد سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وبعد ...
لا تنفك حاجة أبناء هذه الامة المسلمة قائمة إلى تعرف بعضهم على بعض على نحو إيجابي بنّاء ، مرةً دفعا لمعوقات التفاهم اللازم لحياة قوامها الشراكة الواسعة والواقعية ، سواء على الصعيد المعرفي أو الصعيد الاجتماعي والسياسي .. ومرةً أخرى إسهاما في إزاحة الحواجز النفسية التي تخلقها أجواء سياسية غير مستقيمة ، ومماحكاة طائفية ضيقة الافق. وكلا من هذين الأمرين الخطيرين؛ معوقات التفاهم ، والحواجز النفسية ، إنما يترسخ وتتعمق جذوره نتيجة لعدم توفر طوائف المسلمين على المعرفة السليمة والواضحة ببعضهم البعض ، إذ تمثل هذه المعرفة الشرط الأكيد للحوار الايجابي الذي يمهد الطريق للتفاهم والتعايش كخطوة ضرورية لصمود هذه الامة أمام الهجمات الشرسة التي تستهدفها كما تستهدف خيراتها وثرواتها ، وخطوة ضرورية لتماسكها من أجل بناء حاضرها ومستقبلها.
وفي هذا السياق كُتب العديد من المؤلفات للتعريف بالتشيع والشيعة من أبعاد وزوايا متعددة ، واتخذ الكثير منها من هذين الاصطلاحين (التشيع) و (الشيعة) أو أحدهما ، عنوانا ، إحساسا بتلك الحاجة الملحة والمتجددة ، الحاجة إلى المزيد من فرص الحوار الموضوعي البنّاء بين فصائل أمة عريضة ، تعيش واقعا اجتماعيا وسياسيا موحدا بالضرورة ، الحاجة إلى مزيد من الوعي بهذا المشترك المصيري ومتطلباته الثقافية والأخلاقية.
ويأتي كتابنا هذا ليعرف أولاً بحقيقة وجوهر التشيع بإيجاز غير مخل ، ويقدّم صفحات هامة من تاريخ الشيعة ، وليفتح فرصة أخرى للحوار الايجابي ، بعيدا عن أجواء الصراع والتخندق الطائفي الذي يجر المسلمين إلى الوراء فيما تفرض عليهم مسؤولياتهم الشرعية والاخلاقية والحياتية التقدم إلى أمام ، وتوفير كل ما يستلزمه