العلمي تعبيرا عن مجرّد إضافة عددية إلى العلماء الذين سبقوه ، وإنّما كان منطلق رحلة جديدة من تطوّر الفكر الفقهي والأصولي في الإطار الشيعي ، وبالرغم من أنّ طاقات علمية تدريجية ـ مهّدت لهذا المنطلق ـ اندمجت فيه ، من قبيل العطاءات العلمية التي تعاقبت من ابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى قدّس اللّه أرواحهم ، فإنّ نبوغ الشيخ الطوسي هو الذي استطاع أن يصبّ كلّ تلك الطاقات في بناء علمي واحد ، ويضيف إليها من عطائه وإبداعه ما هيّأ للعلم أسباب الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل النموّ والتطوّر» (١).
١ ـ أولى هذه الملامح : أن الفقه خرج في هذا الدور عن الاقتصار على استعراض نصوص الكتاب ، وما صح من السنّة ، إلى معالجة النصوص ، واستخدام الأصول والقواعد.
وفي هذه المرحلة انقلبت عملية (الاستنباط) إلى صناعة علمية لها اصولها وقواعدها ، وانفصل البحث الأصولي عن البحث الفقهي وأفرد بدراسات ومطالعات خاصة ، وقام البحث الفقهي على نتائج هذه الدراسات
__________________
(١) من رسالة السيد الخوئي إلى المؤتمر الألفي الذي عقد في مدينة مشهد المقدّسة بإيران سنة ١٣٨٥ هـ بمناسبة الذكرى الألفية لولادة الشيخ الطوسي قدسسره والرسالة مطبوعة في بداية الجزء الثاني من أعمال المؤتمر المذكور.