دُور الكتب الكبرى
عمل علماء الشيعة في عهود الاستقرار على فتح المراكز العلمية لتهيئة المراجع وتوفير أدوات البحث وإعداد الأجواء العلمية المناسبة للدراسة والتأليف .. وكان من هذا أن أنشئت المراكز التالية :
كانت هذه الخزانة مفخرة أدبية رائعة ، ومأثرة أسداها إلى عشاق البحث ، رجل جمع بين الأدب والسياسة ، فخلد التاريخ ذكره بها.
ذلك الرجل ، هو «أبو نصر سابور بن أردشير» ، المتوفى سنة ٤١٦ هـ (١٠٢٥ م) ، وهو الذي وزر لبهاء الدوله البويهي ثلاث مرات ، ووزر أيضا لشرف الدولة. وكان سابور كاتبا سديدا ، عفيفا عن الأموال ، كثير الخير. غير أن أشهر ما اشتهر به كان خزانة الكتب التي أنشأها ببغداد في محلة الكرخ سنة ٣٨١ هـ (٩٩١ م) ، ووقف عليها الوقوف. فإنّه في هذه السنة ابتاع دارا في الكرخ ، بين السورين ، وعمّرها وبيّضها وسماها «دار العلم» ، ووقفها على أهله ونقل إليها كتبا كثيرة ابتاعها وجمعها ، وعمل لها فهرستا. وردّ النظر في أمورها ومراعاتها والاحتياط عليها ، إلى الشريفين أبي الحسين محمد بن أبي شيبة ، وأبي عبداللّه محمد بن أحمد الحسني ، والقاضي أبي عبداللّه الحسين بن هارون الضبي ، وكلف الشيخ أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي فضل عناية بها.
وأشار بعض المؤرخين ، إلى أن عدد ما اشتملت عليه هذه الخزانة ، كان أكثر من عشرة آلاف مجلد ، بل كان عددها بوجه التدقيق ـ كما قال أبو الفرج ابن الجوزي ـ عشرة آلاف مجلد وأربعمائة مجلد من أصناف العلوم ، ومنها مائة مصحف بخطوط بني مقلة.
وكانت هذه الدار موئلاً للعلماء والباحثين ، يترددون إليها للدرس