ولبيان معنى كون الأوراق النقدية التي نستعملها اليوم إنها تمثيل للذهب والفضة فإننا نحتاج إلى التوضيح التالي : فنحن نتداول هذه الأوراق النقدية بيننا بيعاً وشراءاً ونستعملها لتحصيل مختلف المنافع والمصالح ، فمن أين صارت لها قيمتها ولماذا صارت مقياساً لقيمة السلع والبضائع على اختلاف أنواعها وثمناً ندفعه لمختلف الخدمات .. الخ ؟ الواقع هو أن الأوراق النقدية إنما اكتسبت قيمتها المالية من كون أنها تمثّل مقداراً معيناً من معدن الذهب ينبغي أن يكون مُودَعاً في المصرف المركزي ، وهذا الرصيد من الذهب هو الذي يجعل للورقة النقدية قيمة ، ولكن مع ملاحظة مسألة مهمة وهي أن ما هو مودَعٌ فعلياً في المصرف من معدن الذهب ليس إلاّ جزءٌ من المقدار الحقيقي المحدَّد لتلك العملة أو لتلك الورقة النقدية ( مثلاً عشرة بالمائة فقط من قيمتها من الذهب ) وأما ما تبقّى من مقدار الذهب فإنه غير موجود كرصيد فعليّ في المصرف ومع ذلك فإننا نستعمل تلك الأوراق النقدية « وكأنها » تمثّل بالفعل رصيدَها المُفتَرض من الذهب مستودَعاً في المصرف المركزي. فمن أين اكتسبت النقود بقيةَ قيمتها الحقيقية ؟ الواقع أن ما تبقّى من القيمة الحقيقية للنقود هو عبارة عن ثقة الناس والمؤسسات المختلفة بالدولة التي أصدرت تلك العملة وعبارة عن إطمئنان إلى قدرتها على تسديدِ