أو واجبا شرعا واقعا بمجرد تعلق القطع بهما أم لا؟ وعليه يكون الوجهان الاوّلان من قبيل المبادئ بالنسبة الى المسألة.
ولكن التحقيق : ـ على ما سيجيء من عدم امكان القطع بالحرمة موضوعا للحكم الشرعي ـ عدم صحة تقرير المسألة إلاّ عقلية واقعة في مجرد حكم العقل ، ولو بناء على البحث عن الحسن والقبح. وعلى تقدير الاغماض عنه وتصحيح امكان كونه موضوعا للحكم الشرعي فالصواب تقريرها اصولية ، ولو على البحث عن صحة العقوبة أيضا ، لكونها بناء عليه واقعة في طريق الاستنباط ، غاية الامر بالإنّ لا باللمّ ؛ فلا فرق بين البحث عن الحسن والقبح وبين البحث عن صحة العقوبة وعدمها كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر انّ الحق تقرير المسألة كلامية ثم بعد ذلك هو الاصولية بناء عليه.
وكيف كان فعلى تقرير المسألة اصولية فالتحقيق : عدم كون القطع بالحرمة أو الوجوب ـ بعد خطئه ـ من الوجوه المقبحة والمحسنة للفعل ، لوجوه :
الاول : عدم وجود جهة محسنة أو مقبحة فيه مما يتصور كونه مقتضيا لهما ، حيث انّ العناوين الموجودة في مورد التجري امّا شرب مقطوع الحرمة ، أو شرب الخمر ، أو شرب الماء ، والاخيران غير اختياريين لعدم الالتفات اليهما ، والاول لا يمكن أن يكون موضوعا للحكم الشرعي لعدم امكان أخذ القطع بحكم شرعي في موضوع مثله ، ولا عقلا لعدم كونه من العناوين المحسنة والمقبحة كما هو واضح عقلا ، فلا يوجب استحقاق العقوبة عقلا لعدم ما يستتبعه من الحسن والقبح والوجوب والحرمة الشرعيين.
وامّا ما قررناه من عدم الاختيارية بهذا العنوان فهو ـ على خلاف التحقيق ـ يكون تبعا للاستاذ (١) قدسسره ؛ وتفصيل ما ذكرنا يحتاج إلى بيان أمرين :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٩٩.