لم يكن الحرف؟ ، فانه بما أفاده يتبين ان ما يؤدي وظيفة الربط هو الهيئة التركيبية وقد قرّب قدسسره هذه الدعوى ـ كما في تقريرات بحثه ـ بما نصه : « والسيرة العقلائية حسب الاستقراء تدل على ان العقلاء لم يهملوا معنى من المعاني التي تدور عليها الإفادة والاستفادة ، من حيث جعل الطريق لها والكاشف عنها وهو الكلام. ولا يخفى ان المعاني الحرفية من أهم المعاني التي يحتاج الإنسان إلى الدلالة عليها في مقام الإفادة والاستفادة. وأيضا حسب الاستقراء والفحص عما يدل من الألفاظ الموضوعة على المعاني المذكورة ، قد وجدنا الأسماء تدل على الجواهر وجملة من الاعراض ، ووجدانا الحروف تدل على جملة الاعراض الإضافية النسبية ، ووجدنا الهيئات سواء كانت من هيئات المركبات أم من هيئات المشتقات تدل على ربط العرض بموضوعه ، مثلا لفظ « في » يدل على العرض الأيني العارض على زيد في مثل قولنا : « زيد في الدار » وهيئة مثل « عالم » و « أبيض » و « مضرب » تدل على ربط العرض بموضوع ما وكذلك بقية الحروف تدل على إضافة خاصة وربط مخصوص بين المفاهيم الاسمية » (١).
والّذي يتحصل من مجموع كلامه ، ان الهيئات موضوعة للربط والنسبة بين العرض ومحله. والحروف موضوعة للاعراض الإضافية النسبية.
وبذلك يتفق مع المحققين النائيني والأصفهاني في جهة ـ وهي جهة وضع الهيئات ـ ويختلف معهما في أخرى ـ وهي جهة وضع الحروف ـ وذلك واضح.
والّذي يرد عليه أولا : ان المعنى الحرفي إذا كان هو العرض النسبي فهو لا يفترق عن المعنى الاسمي أيضا ، إذ يكون المعنى الموضوع له لفظ « في » ولفظ « الظرفية » واحد وهو العرض النسبي ، وهو يناهض الوجدان الحاكم بثبوت
__________________
(١) الآملي الشيخ ميرزا هاشم. بدائع الأفكار ١ ـ ٤٩ ـ الطبعة الأولى.