بلحاظ ان السبق ينتزع عن وجود الشيء قبل آخر وفي زمان سابق على زمان الآخر ، بل هما أمران انتزاعيان ينتزعان عن وجود الشيء في فرض عدم الآخر ، وذلك يلازم الزمان الماضي والمستقبل في الفاعل الزماني الّذي يحتاج في فعله إلى الزمان ولا يمكن ان يقع في غير الزمان ، فالشيئان إذا لوحظ أحدهما بالإضافة إلى الآخر ، فتارة : يكون أحدهما موجودا في فرض وجود الآخر ، وأخرى : لا يكون أحدهما موجودا في فرض وجود الآخر ، فعلى الأول ينتزع عنوان التقارن ، وعلى الثاني ينتزع عنوان السبق واللحوق ، فالشيء الموجود فعلا يكون سابقا والّذي يوجد بعد ان لم يكن في فرض وجود الآخر يكون لاحقا ، فالسبق واللحوق عنوانان انتزاعيان ولا يتقومان بالزمان ، بمعنى انهما يصدقان في المورد غير القابل للزمان كالزمان نفسه ، فيقال الزمان السابق واللاحق ، نعم هما يلازمان الزمان في الزماني الّذي يحتاج في وجوده إلى الزمان ، وعليه فالفعل كالقيام ـ مثلا ـ حيث انه قابل لأن يوجد في فرض عدم الآخر فيكون سابقا كما انه يوجد بعد ان وجد غيره فيكون لاحقا فيمكن ان يراد تفهيم الحصة الخاصة السابقة أو المقارنة للسبق ، كما انه يمكن ان يراد تفهيم الحصة المقارنة للحوق ، فوضع الماضي للأولى والمضارع للثانية ، فيكون دالا على الزمان بالالتزام فيما كان الفاعل زمانيا لملازمة السبق واللحوق للزمان في الزمانيات ، تأمل تعرف (١).
__________________
(١) الكلام في الفعل ودلالته على الزمان : ما أفاده في الكفاية. وما أفاده الأصفهانيّ من كونه مقيدا بالسبق واللحوق كما أشرنا إليه في المتن ـ والفرق بين دعوى صاحب الكفاية ودعوى الأصفهاني أو المشهور هو : ان مرجع دعوى الكفاية إلى اختلاف مدلول الماضي عن المضارع سنخا وحقيقتا ، كالاختلاف في مدلول : « من وإلى ». فمدلول الماضي أمر بسيط يختلف سنخا عن المضارع ، ونصطلح عليه بالتحقق والترقب اما مرجع دعوى المشهور أو الأصفهاني فهي إلى ان الاختلاف في القيد ، وإلا فذات المقيد واحدة وهي النسبة الصدورية ، أو التلبس لكنه مقيد بالسابق في الماضي وباللحوق في المضارع. فيكون السبق أو الزمان مدلولا ضمنيا للفعل. بخلافه على الأول ، فانه مدلول التزامي.
والصحيح هو ما أفاده في الكفاية لوجهين :