واللا لائق وسبق ان قيل : ( لا يكتب التاريخ إلا المنتصر ). ومع شديد الاستياء ، فالتاريخ في مفهومنا لا يمتد إلى تراجم الرجال من علماء ، وفلاسفة ، ومفكرين ، وإلى منجزهم ، بل يقف حيث تكون الأحداث السياسية ، والعسكرية ، وأخبار السلاطين. هذا التاريخ بآلياته ، ومرجعياته واهتمامته ، ومناهجه ، بحاجة إلى أقلام مخلصة واعية ، تمسه بلطف ، وتنقيه باقتدار ، لكي توقف طوفان التساؤلات المحرجة.
لقد كانت الضربات الموجعة للتاريخ ، تأتي من علماء الملل والنحل الاسلامية ، التي تعمدت إنكار بعض الأحداث ، وبعض الشخصيات المؤثرة ، كبعض الصحابة ، والتابعين المشبوهين وتأتي هذه الإثارات من المستشرقين الذين دخلوا على التاريخ الاسلامي بآليات غير ملائمة ونوايا مشبوهة ، ووجدوا فيه ما يريدون. وكنت أود لو عمد علماؤنا ومفكرونا ونفوا من التاريخ ما لا يتسع له نص ولا يحتمله عقل ولا تقبله أوضاع ، فنحن أحق بالمعالجة منهم ، وهذه مسؤوليتنا. وإذا يكون ابن سبأ محور كتابات المالكي فإن ممن كتب عن شخصية ابن سبأ في سياق إنكار هذه الشخصية مرتضى العسكري في عملين هامين ومشبوهين في آن هما :
( عبدالله بن سبأ بحث وتحقيق فيما كتبه المؤرخون والمستشرقون عن ابن سبأ ) المطبعة العلمية في النجف ١٣٧٥ ه ـ ١٩٥٦ م ) وعبد الله بن سبأ وأساطير أخرى ) دار الغدير بيروت طهران ١٣٩٢ ه / ١٩٧٢ م.
والجدل حول ابن سبأ يأخذ ثلاثة مستويات ـ المستوى السائد عند المؤرخين الإسلاميين. وهو ثبوت وجوده ، وثبوت دوره في الفتنة ، بكل حجمها المبالغ فيه.