وظائفه من الدراسين كان مغرياً لكثير من اللاحقين ، إذ من اليسير على ضوء هذا المنهج نسف التاريخ بكامله ، فهذا الطبري وهو من هو يعتمد على وضاعين ، وطائفيين كابن مخنف مثلاً ، ولو قرأناه بتلك العيون لما أبقينا على متنه نصاً صحيحاً ، ومشروع ضياء العمري يقف عند تاريخ الصدر الأول المؤثرة أحداثه بأمور الشريعة ، والعقيدة ، والعبادة ، كسيرة الرسول (ص).
وإذا كانت الروايات الآتية من طريق سيف بن عمر ، ضعيفة عند المحدثين ، حجة عند المؤرخين ، والاخباريين ، فلا يمكن معها ان ننسف الظاهرة كلها. فابن عمر ليس من أهل البدع ، والأهواء ، وان اتهم بالزندقة تحاملاً من ابن حبان حيث قال « وكان قد اتهم بالزندقة » ، وليست كل رواياته مخالفة لنص قطعي الدلالة والثبوت ، وانما هي روايات تأتي في سياق معهودات مستفيضة ، « فابن سبأ ، والقعقاع » ، مثلا شخصيات تداولها ، وقبل بوجودها علماء التاريخ ، وعلماء الحديث ، وعلماء الجرح والتعديل ، وعلماء الكلام ، والمؤرخون للملل والنحل وبخاصة ابن سبأ فهم يذكرونها في سياق ما يكتبون ، ولم يكن اعترافهم بهذه الشخصيات إلاّ لأنها مستفيضة على الألسن يتداولها الناس ، وعلماء الجرح والتعديل انصفوا سيف بن عمر حتى لقد قال ابن حجر العسقلاني عنه : « ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ » وأردف : « أفحش ابن حبان القول فيه » وقال العقيلي : « يحدث عنه البخاري » أي : في التاريخ ، ولو اننا طبقنا منهج المحدثين على بقية العلوم على اطلاقه مثلما يفعل البعض مع الروايات التاريخية ، ولتكن مثلا على روايات الجاحظ في « البيان والتبيين » وفي « الحيوان » ، أو على روايات أبي الفرج الاصفهاني في « الأغاني » ، أو على روايات علماء النحو والصرف واللغة ، والبلاغة ، كما لا نقبل أن يكون هذا الشعر لذلك الرجل