فما قيمة الكتب ـ والمقالات أيضاً ـ إذا لم تتضمن بحث هذا الأمر والعبور به من « الافتراض » إلى « الحقيقة التاريخية » المؤكدة وفي كتب العسكري كلها مغالطة عظمى ، فهو يستخدم أقوال المحدثين لرد روايات سيف ، فليس لهذا من معنى إلا إذا كان يسلم بصحة ما في الصحيحين ولكن أخانا المالكي مر على هذا مرور الكرام.
والحقيقة أن موقف العسكري مفهوم بعض الشيء ، لأن هذه النظرة للصحابة من ضروريات مذهبه ، فمن الطبيعي أن يضيق ذرعاً بالفضائل والبطولات المنسوبة اليهم في كتب التواريخ ، ويجزم بانها مخترعة من غير حاجة للإثبات ، ويبحث عن شخص لاتهامه باختراعها. ولكن ، ما عذر أخينا المالكي في متابعته على ذلك ولا سيما أنه لم يتناول هذا الجانب بالصراحة اللازمة بحيث يتضح الفارق بينهما.
(١٠) ولعل القارئ الكريم يسمح لي باستطراد خارج موضوع القعقاع ، لأنه مفيد جدا لبيان أمانة العسكري وهو يتهم سيفا بهذه الفرية العظمى. قد تجاهل أن عبد الله بن سبأ مذكور مذموم في كتب مذهبه لأن علماء المذهب كانوا قديماً يستنكرون آراءه المتطرفة ، فكان الواجب عليه أن يبدأ بنقد الذات ! كما تغافل عن النصوص التاريخية المذكور فيها عبد الله بن سبأ والسبئية ( « لقد بحث العلامة العسكري ذلك في كتابه عبد الله بن سبأ الجزء الثاني وقد اشار اليه الدكتور العودة في كتابه عبد ابن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام ) » ، ومنها مثلا قول أعشى همدان شاعر قحطان والعراق يهجو المختار الثقفي وأصحابه من غلاة الشيعة ، بعد ثلاثين عاماً من الفتنة الأولى :
شهدت عليكم أنكم سبئية |
|
وأني بكم يا شرطة الشرك عارف |