والمبالغة من أدواته المعروفة ، فلا يستبعد من الحزب الأموي أن يبالغ في أمره ويتهم جمهور الثائرين بالانصياع له. ولكن من المستبعد أن يختلقوا شخصا من العدم وينسبوا إليه هذا الدور ، فهذا من الكذب الساقط المكشوف الذي لا فائدة لأصحابه منه. فمجرد وجود التهمة دليل على وجود الرجل ، ولا نار بلا دخان. ولعل القارئ الكريم يلاحظ أن الأستاذ المالكي ههنا أيضاً يصرح مرة أخرى باسم الهلابي والعودة ، ويتجاهل العسكري الذي صنف كتابين أو أكثر عن عبدالله بن سبأ. (١١) وههنا مسالة تتردد بين السطور في كتابات الأستاذ المالكي وكتابات خصومه ، ولا بد لي من الحرص التام في التعبير عنها لأن الغرض ليس الاتهام بقدر ما هو الحث على تناولها بالوضوح اللازم. وربما تصورت لها تخريجا ما ، ولكن ليس من المصلحة أن يتولى إيضاح هذا الأمر ومعالجته أحد غيره. وما أحسن الوضوح والصراحة في مثل هذه الأمور. فلقد أوضح أن أهل السنة يجب أن يكونوا منصفين للجميع ، وانهم وسط بين الروافض والنواصب ( كتاب الرياض ، ص ٤١ ). ولكن هذا الكلام النظري ليس له صدى على أرض الواقع مثل أشياء كثيرة ، فالكتب والمقالات تترى ، وفي كل واحد منها عشرات الآراء التفصيلية ، وكلها تقريبا تصب في خانة واحد من الفريقين بعينه ولا نرى لدى الأستاذ شجاعة مماثلة في نقد روايات الطرف الاخر ، ولا حرصا على التعرض لها ، وقد أشرت إلى بعض ذلك فيما مضى ، ولعله ان شاء الله أمر غير مقصود. وهو لا يتردد في اتهام ابن حزم والخضري والخطيب وغيرهم بانهم نواصب ، ويقول إن النصب سبع مراتب ، أما مرتضى العسكري فيقول عنه هذه العبارة اللطيفة ( رغم ميوله العقدية ) ، فأين العدل والتوازن والوسطية ( كتاب الرياض ، ص ٥٨ ) فمن الطبيعى أن يقابل