تطبيق نفس القاعدة على مئات المسائل الأخرى ؟ ولا يخفى ان الصعوبة تكمن في تأسيس القاعدة ، ثم ينفخ الباب على مصراعيه ، ويصبح من أيسر الأمور ادعاء أن العلماء انخدعوا بعشرات الأساطير الأخرى أو مئاتها أو آلافها ، وبخاصة الإمام الطبري كما سيأتي فمن حقنا اذن أن نلفت الانظار إلى حقيقة الموضوع من جميع أبعاده. والمالكي قد كفانا المشقة لأنه يتحدث عن أمور لها أول وليس لها آخر مثل انقاذ التاريخ الإسلامي والمناهج والجامعات ، الخ.
إن النتيجة الخطيرة المترتبة على هذه الآراء ما يلي : ان الأمة تعيش منذ أربعة عشر قرنا في عالم الأوهام والأكاذيب ، وليس لديها حصانة مناعية ضد الأساطير الكبرى ، فكان من الممكن أن يأتي قصاص متعصب لا قيمة له في نفسه ، فيختلق من نسج الخيال اسماء عشرات الأسماء والمدن والمعارك والأحداث الخاصة بعصر الصحابة وغيره. مما لم يسمع به إنسان ولم يخطر على قلب بشر قبله ، والبلاد من حوله تمور بالعلماء الغافلين ، ثم تقع هذه الأساطير موقع القبول بعد جيل أو جيلين وتصبح حقائق مقررة يتناقلها كبار العلماء والحفاظ ، ولا تدرك الأمة أنها أكاذيب مختلقة إلا بعد بضعة عشر قرناً ، ربما على أيد المستشرقين والمبتدعة.
وإذا تحقق أن الخط الدفاعي لم يكن موجوداً في تلك القرون الأولى فما أيسر توجيه المطاعن إلى كل شيء حتى إلى القرآن الكريم والسنة النبوية إذا كان العلماء يسكتون على اختراع أسماء الصحابة فلماذا لا يسكتون أيضاً على اختراع أحاديث الصحابة ، ونحن نعلم مثلا أن الدكتور طه حسين ادعى في نفس الكتاب أن ذكر اسماء الأنبياء في القرآن الكريم لا يكفي للجزم بوجودهم التاريخي ، فالفاصل رقيق جداً بين الطعن في الشعر الجاهلي وبين الطعن في