أسطورة حقاً فليس من الضروري أن يكون سيف ـ من بين الرجال المذكورين في الإسناد ـ هو الذي اختلقه إلاّ ببرهان واضح. هذا محمد بن إسحاق مثلا ، شحن السيرة بكثير من الأشعار المنحولة كما قال محمد بن سلام الجمحي وغيره ، فهل نقول : يجب بالضروة أن يكون هو الذي نظم تلك الأشعار وهل الغزالي هو مؤلف الأحاديث الباطلة الموجودة في احياء علوم الدين وهذه الأكاذيب التي تقال في المجالس هل من الضروري أن يكون المتكلم هو الذي اخترعها الواقع ان أكثر رواة الأخبار الباطلة لم يختلقوها بأنفسهم. وهذا لا يعفي أحدا من المسئولية ، ولكنه شيء آخر غير ما نحن فيه.
وقد أسند سيف أخباره إلى رواة سماهم بأسمائهم ، فيقول الطبري مثلاً ( كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن مجالد عن الشعبي ) ، أو ( السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وزياد عن قدامة الكاهلي ) أو ( السري عن شعيب عن سيف عن النضر عن ابن الرفيل عن أبيه عن حميد بن أبي شجّار ) ، إلى آخر هذه الأسانيد المتفرعة بعد سيف وهي كثيرة جدا. فمن الجائز في منطق العقل والانصاف ـ إذا افترضنا بطلان هذه الأخبار أو وجود مبالغات فيها ـ أن يكون البلاء من الرواة السابقين عليه. وقد أوضح الأستاذ كثرة الضعف والجهالة فيهم وفي بعض الرواة عنه أيضاً ( كتاب الرياض ، ٦٧ ـ ٦٩ ). فاذا كان يرى أن هذه الأسانيد اسطورية وأن بعض الأسماء المذكورة فيها اسطورية ، فهذان فرضان جديدان لا بد من بحثهما واثباتهما قبل البحث في مسألة القعقاع ، ومن الممكن نظريا أن تكون الأسانيد حقيقية والمتون باطلة او العكس.
ولقد قال ( استخرجت روايات سيف بنفسي وبحثها رواية سنداً ومتناً ) ، ولا أجادله في هذا ، ولكني لم أر ما يدل على أنه درسها بالتفصيل اللازم