كذا ، فسوف تدرك حالا ان الخبر غير صحيح لأنك كنت في مسجد آخر ، وتظن ان أحدهما وقع في خطأ غير مقصود. فإذا تكررت الأوهام والأكاذيب فسوف تتراجع الثقة في الأشخاص ، ولعلك ستجد ان الكاذب هو الشخص الذي لم يحدثك. ومن الواضح ان الثقة توجد أو تنعدم في الاخبار أولاً ثم في الرواة ثانياً. وهذا في القضايا الحاضرة التي لا مجال للرأي فيها مثل صلاتك في ذلك المسجد ، فإذا كانت تتعلق بقضايا تاريخية تضاربت فيها الآراء والمصالح والأهواء فالأمر أعسر من ذلك وغاية المؤرخ أن يبحث عن أحسن الروايات وأجدرها بالقبول بصرف النظر عن أشخاص الرواة ، وإذا أمكن معرفة مصدر ضعف الخبر فحسن ولكنه ليس ضرورياً لا بد منه.
أما المالكي ـ تبعا للعسكري من قبله ـ فالأمر لديه على العكس فقد نظر في اخبار القعقاع فلم يجد أكاذيب تجزم العقول والفطر السليمة بانها باطلة ، وانما هي أخبار في حدود المعتاد والمعقول ، ثم نظر في الأسانيد فرأى انها وردت عن طريق سيف بن عمر ، فقرر أربعة أمور :
أن انفراده بها يكفي للجزم بأن أخبار القعقاع أكاذيب.
أن انفراده بها يكفي للجزم بأن القعقاع نفسه أسطورة ..
أن انفراده بأي شيء آخر يكفي للجزم بأنه اسطورة.
أنه لا غيره مؤلف هذه الأكاذيب والأساطير.
وجميع كلامه لاحق لهذه الأمور الأربعة ومرتب عليها ، وقد مضت الاشارة إلى انه لم يبحث شيئاً منها ويثبته بالدليل الكافي. فقد رد الأخبار لمجرد انها من رواية فلان ، ثم حكم على فلان نفسه بأنه كذاب لأنه روى تلك الأخبار .. بينما كان الواجب عليه أن يثبت أولاً ان الأخبار أكاذيب وأن الأسماء