روايات ـ وان كان لم يستوفها ـ وعلق واستنتج ، ودرس وقارن ، وأهم من ذلك كله أنه اقترب أو مارس في جوانب من بحثه منهج النقد العلمي الأصيل الذي يستخدم الاسناد ودرس أحوال الرواة ومن خلال هذا وذاك يستطيع الحكم على الرواية ـ وهو منهج يغيب مع أهميته عن كثير من الباحثين في التاريخ الاسلامي ـ وخاصة في الفترات الأولى من تاريخنا ، ولذا جاء اعتماد كثير من الدراستين على مرويات ساقطة لو كلفوا أنفسهم الرجوع إلى اسنادها ومعرفة أحوال رواتها لأعفاهم ذلك من جهود كبيرة ، ولم يضطروا ازاء كثير منها إلى الانكار أو الاعتذار عنها ! ويضيف د. العودة : وحين غاب هذا المنهج عن الدراسات التاريخية فقدت نوعا من المصادر المهمة لكتابة أحداث التاريخ الإسلامي ألا وهي ( كتب الرجال ) وهذا النوع من المصادر وان كان وضع أصلا لخدمة السنة النبوية إلاّ أن بالإمكان الاستفادة منه في جانب التاريخ ، وخاصة إذا علم أن هناك طائفة من المحدثين كان لهم إسهام في الرويات التاريخية بل ألف بعضهم في التاريخ كتباً خاصة ، وهناك طائفة من الرواة المكثرين في التاريخ كان لهم إسهام في المرويات الحديثية ـ وهي مع قلتها ـ مكنتهم من دخول كتب الرجال ، واهتمام أصحاب الجرح والتعديل بأحوالهم.
ومن المعلوم أن كتب الرجال تلك لا تمثل كتب تراجم عن هؤلاء المترجم لهم ، بقدر ما تعني بأحوال الرواة جرحاً أو تعديلاً ، وربما ساقت بعض الروايات التاريخية أثناء حديثها عن الراوي مشيرة إلى صحتها أو ضعفها كنماذج لتعديل هذا الراوي أو جرحه ، ومن هنا تاتي أهمية هذا النوع من المصادر في الكتابة التاريخية.
وأشار إلى أن من ميزان كتابة د. الهلابي أنه اقترب من هذا المنهج وان لم