سواء في هذا المقال أو ما سبقه من مقالات وكتابات ، وإليكم نموذجاً يؤكد ما أقول في حلقته السادسة عن القعقاع ( وقفة مع الردود والتعقيبات ) ففي حديثه عن ابن سبأ يتشكك في وجوده لا في دوره في الفتنة حين يقول : « .. هذا على افتراض وجود عبدالله بن سبأ .. » ( الملاحظة الثالثة عشرة ) ثم يخشى أن ينكشف أمره ، فيشير إلى دراستين في الموضوع ، وتأبى عليه عاطفته وميوله إلا أن يبدأ بالدراسة المنكرة ، واضعا اسطورة ابن سبأ بين قوسين ، وإلى جانبها علامات التعجيب (!!) أما الدراسة المثبتة لابن سبأ فتأتي بعد ذلك وتساق مساقاً ضعيفاً ، فهي عكس السابقة ، ويعز على المالكي أن يذكر لفظة ( مثبتة ) إلى جانبها ، وهذه في نظره لا تستحق الفرح وعلامات التعجب.
وأهم من ذلك أن المالكي لا يتمالك نفسه من الافصاح عن ميوله ، ويقول بكل صراحة « مع أنني ـ حتى الآن ـ أميل إلى نتيجة د. الهلابي لكن لم أجزم إلاّ ببطلان دور ابن سبأ في الفتنة لأنني بحثت الموضوع » لكن هل يجزم بوجوده ؟
أفكار مترددة
ويكشف المالكي نفسه ـ وفي هذه الملاحظة نفسها ـ مؤكداً أن وجود ابن سبأ لم يجزم به ، فيقول : « أما وجوده مطلقاً فأنا إلى الآن لا أجزم بذلك » ولم يقل أما نفي وجوده فلم أجزم بذلك ، وفرق بين الأمرين لمن تأمل !
وانظروا سقم التعليل فهو قد بحث دور ابن سبأ في الفتنة ولم يبحث أصل وجوده فهل يمكن أن يبحث دوره دون أن يمر على أصل وجوده ، ولماذا لم يبحث أصل وجوده ويعلن رأيه بكل صراحة ؟ إنها عبارات قلقة ، وأفكار مترددة ، تنبئ عن غموض في الشخصية ، ورغبة في الضحك على السذج ، لكنها مكشوفة