يمكن تصور الانفكاك بينهما.
المسلك الثاني : ـ وهو ما يظهر من كلمات المحقق الأصفهاني ـ ان الاعتبار بحسب ذاته وواقعه يرجع إلى الفرض والبناء ، نظير التخيل والادعاء كأنياب الأغوال ، إلاّ ان يختلف عنه بان الفرض إذا كان متعنونا بعنوان حسن ، كما إذا كان ذا مصلحة سمّي اعتبارا وخرج عن مجرد الفرض كالتخيّل. والتعنون بالعنوان الحسن المقوم لتحقق الاعتبار والمعتبر قد يكون مرتبطا بأمور خارجية بحيث تكون دخيلة في ذلك. فالاعتبار والمعتبر لا ينفكان إلا أنهما يتحققان بلحاظ تعنون القرار بعنوان حسن ، ولكنهما قد يتأخران تحققا عن الفرض لتأخر التعنون بالحسن ، باعتبار ارتباطه بالأمور الخارجية. وعلى هذا الأساس يقع البحث في الشرط المتأخر ، وذلك بان يقال : انه هل يمكن ان يكون من الأمور الخارجية المؤثرة في حصول العنوان الحسن وتحقق الاعتبار والمعتبر ، ما هو متأخر وجودا عن ترتب الأثر أو لا؟.
وهذا المسلك باطل كما أشار إليه المحقق الأصفهاني نفسه فان الاعتبار هو عبارة عن الإنشاء والجعل بداع عقلائي لا لصرف الفرض والبناء ـ كي يكون نظير أنياب الأغوال ـ وعليه فهو لا يتأخر عن نفس القرار والجعل ، ولا ينفك عنه المجعول والمعتبر ـ كما هو المفروض ـ ولا يتوقف ثبوته على نفس ترتب الآثار.
المسلك الثالث : ـ ما يظهر من المحقق العراقي ـ وهو ان الجعل والمجعول لا ينفكان وليس للجعل عالم غير عالم المجعول بل عالمهما واحد ، وفعلية المجعول لا تنفك عن الجعل. إلاّ ان تأثير المجعول وترتب الآثار العقلائية عليه قد تنفصل عن فعلية المجعول فلا تترتب عليه الباعثية والمحركية بمجرد وجوده ، بل يكون ترتبها بلحاظ ثبوت بعض الأمور الخارجية وبتعبير آخر : ان فعلية المجعول وان كانت ثابتة بالجعل ، لكن فاعليته قد تنفصل عنها ، فيحصل الانفكاك بين