والانجيل ، والقرآن ، على الترتيب التاريخي نفسه ، كتباً مقدسة لايرقى إلى قداستها شيء عند أتباعها ، فهي دستور الديانة الكامل ، ورمزها الأوّل ، ومحور تكونها الاساس. وعلى مدى القرون حظي كل واحد من هذه الكتب الثلاثة باهتمام بالغ ، بالدرجة الاولى من أتباعه المتدينين برسالته ، تفسيراً وشرحاً وتحليلاً وترجمة ، حتى أصبحت مكتبة القرآن الكريم وحده ، نموذجاً ، تضم عشرات الآلاف من المجلدات في مجالات الدراسات القرآنية المتعددة ، إلى جانب هذا فإن دراسات اُخرى نقدية ومقارنة قد عُنيت بهذه الكتب الكبرى ، لاسيّما في القرن الاخير المنصرم ، حيث اشتد الاحتكاك بين أصحاب الاديان مع رسوخ القناعة بثبات هذه الأديان وعمق تأثيرها في نفوس أتباعها ، ثم ساعد على ذلك تطور مناهج البحث ، فتجاوزت الدراسات النقدية والمقارنة الحديثة مجموع المواقف المجزءة والمفرقة ، التي تناثرت في كتب الكثير من المتقدمين ، لتنحىٰ منحاً شمولي في القراءة والنقد ، وإن جانَب كثير منها الموضوعية تحت ضغط الميول الشخصية والدوافع المسبقة التي تحول دون الحيادية الايجابية ، ودون الروح العلمية في القراءة والنقد.
وكتابنا الصغير هذا ليس هو جهد جديد في مشروع دراسة مقارنة للكتب السماوية الثلاثة ، بل هو حصيلة لبعضٍ من تلك الدراسات المقارنة التي توفرت على شروط الموضوعية ، وتناولها مختصون توفروا على إحاطة حقيقية بها ، تاريخاً وعقائد ، فقدموا مواد تميزت بالجدّة والعمق والدقة في سائر مباحثها.
ونظراً لاهمية هذا الموضوع ، والحاجة
الجادة لنشر ثقافة هذا النوع من