الفصل السابق الخاص بالخلق ، الإشارة إلى تعدد السماوات والكواكب التي قد تشبه الأرض ، وكذلك وجود ما يعرفه القرآن بأنه خلق وسط « بين السماوات والأرض » ، وذلك ما دل العلم الحديث على وجوده. الآيات الخاصة بالخلق إذن قد أعطت بشكل ما فكرة عامة على محتوى السماوات ، أي كل ما هو خارج كوكبنا.
وبالإضافة إلى الآيات التي تصف الخلق بشكل خاص ، فهناك حوالي أربعين آية أخرى تأتي بإيضاحات تكميلية من هذه المعطيات عن علم الفلك. وليس بعض هذه الآيات إلا تأملات في عظمة الخالق ، الذي رتب كل نظم النجوم والكواكب ، تلك التي نعرف أنها موضوعة في مراكز توازن ، وقد شرح نيوتن الثبوت الدائم لهذا التوازن بقانونه عن جاذبية الأجرام.
وتكون هذه الإشارات حدثاً جديداً في التنزيل الإلهي. فلا الإنجيل ولا العهد القديم يعالجان ترتيب الكون (باستثناء المفاهيم التي رأينا مجموع عدم صحتها في رواية التوراة عن الخلق). أما القرآن فهو ينظر طويلاً في هذا الموضوع. فما يحتويه هام ، ومالا يحتويه هام أيضاً. فهو لايحتوي في الواقع على ذكر النظريات السائدة في عصر تنزيله عن تنظيم العالم السماوي ، تلك النظريات التي أثبت العلم فيما بعد عدم صحتها. وسنعطي على ذلك مثالاً في الصفحات التالية. ولابد من التنويه بهذا الجانب ذي الطابع السلبي (١).
_______________________
(١) كثيراً ما سمعت
من هؤلاء الذين يحتالون في البحث من تفسير وضعي ـ وتفسير وضعي ـ فقط لكل مشكلة يطرحها القرآن ، بأنه إذا كان يحتوي على