وكثير من المترجمين ومن المعلقين يعطون لكلمة فلك معنى كرة ويترجمها حميد الله بمدار.
ولقد حيرت الكلمة قدامى مفسري القرآن ، إذ لم يكن بمقدورهم أن يتخيلوا الرحلة الدائرية للقمر والشمس في الفضاء ، وعليه فقد تمثلوا عن مسيرتي هذين الجرمين صوراً مغلوطة تماماً ، أو على درجات مختلفة من الصحة. ويذكر حمزة أبوبكر في ترجمة للقرآن بتنوع التفسيرات المعطاة لكلمة الفلك منها : « هو كهيئة حديد الرحى ، كرة سماوية ، مدار ، بروج ، جري ، سرعة ، موج مكفوف ... » ولكنه يضيف هذه الكلمة الحكيمة التي قالها الطبري مفسر القرن العاشر الشهير : « ... ونسكت عما لاعلم لنا فيه » (١). ذلك يوضح لنا إلى أي حد كان الناس عاجزين عن تمثل فكرة المدار الشمسي والمدار القمري.
ويتضح من هذا أنه إذا كانت كلمة فلك تعني مفهوماً سائداً في عصر محمد صلىاللهعليهوآله ، لما لقي تفسير هذه الآيات مثل هذه المصاعب ، وعليه فقد قدم القرآن في ذلك العصر مفهوماً جديداً لم يتضح إلا بعد قرون عدة.
لاوجود لهذا المفهوم في ترجمات وتفسيرات القرآن التي قام بها أدباء ، ولجهلهم بعلم الفلك فإنهم قد فسروا من الكلمة العربية التي تعبر عن هذه الحركة معنى واحداً من معانيها وهو « عام ـ يعوم » : نجد ذلك في التفسيرات الفرنسية والتفسير الإنجليزي سواء ، وهذا الأخير الذي قام به يوسف علي في
_______________________
(١) تفسير الطبري ١٧ : ١٥ و ١٦.