هناك افتقاد للمعطيات الموضوعية. ولكن إذا كان بالإمكان التحقق من معطيات الكتب المقدسة ، وذلك بمعونة معطيات أكيدة ، يصبح واضحاً تمام الوضوح عدم إمكانية اتفاق رواية التوراة ـ في تقديمها للطوفان بزمنه ومدته ـ مع مكتسبات المعرفة الحديثة. وعلى العكس من ذلك فإن رواية القرآن تتضح خالية من أي عنصر مثير للنقد الموضوعي. فمن عصر رواة التوراة إلى عصر تنزيل القرآن هل حصل الناس على معلومات من شأنها أن تلقى نوراً على حدث مثل هذا ؟ بالتأكيد لا ، فمن العهد القديم إلى القرآن كانت الوثيقة الوحيدة التي في حوزة الناس عن هذه الحكاية القديمة هي التوراة بالتحديد. وإذا لم تكن العوامل الإنسانية تستطيع أن تشرح التغيرات التي طرأت على الروايات لتتجه بها إلى التوافق مع المعارف الحديثة ، فيجب أن نقبل شرحاً آخر ، وهو أن هناك تنزيلاً من الله قد جاء بعد التنزيل الذي تحتوي التوراة عليه.
(٣)
الموقف من الاسلام
وثيقة الفاتكان الحديثة ، والخاتمة
كشف العديد من المستشرقين ، المحدثين
والمعاصرين ، عن أن الأحكام التي كان يصدرها الغرب ، ممثلاً برجال الدين ورجال الفكر ورجال السياسة ، إنما هي أحكام مغلوطة ، ناتجة عن الجهل بالاسلام حيناً ، وعن العصبية حيناً آخر ، ولقد كان كل شكل من أشكال معاداة الاسلام ، حتى وإن صدر من أعداء صريحين للكنيسة ، فإنه كان يُتلقى في فترة ما بتأييد حار حتى من كبار