كُلَّهَا ) (١) ثمّ حذره من الشيطان ، وبين له أنه عدوّ له ولذريته.. ولم يكن ثمّة حية تتكلّم لتكلف تأويلها بإبليس ، بل كان إبليس نفسه هو الذي ( وَسْوَسَ إِلَيْهِ ) (٢) ، ( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ) (٣) فأكلا من الشجرة.
ولم يكونا عريانين قبل ذلك ، يجهلان قبح العري ، بل كان عليهما لباس ، فلما أكلا من تلك الشجرة أصبح ( يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ) (٤).
ففي القرآن وخلافاً لما في التوراة ، تجد تنزيه الله تعالىٰ من كل ما لا يليق ، وتجد النسق المتماسك للأحداث ودواعيها ، الذي لا يضطرك إلى البحث عن تأويلات يصعب تقبلها ، ناهيك عن أن تكون مردودة هي الأخرىٰ بما ورد في السياق من تفاصيل.
أما التوراة فتذهب إلى ما هو أغرب من ذلك كله وأكثر منه نكارة ، حين تجعل من الله شخصاً مجسماً متنقلاً ، تغيب عنه الأشياء فلا يعلمها إلّا حين يسأل عنها ! بل إنه جل شأنه سوف يخشىٰ من آدم أن يكون إلهاً ، كواحد من آلهة لهم وجود وسلطان إلى جنب الله وسلطانه !!
إنها تقول ما حاصله : أن آدم وحواء ـ بعد أن ظهرت عوراتهما ـ سمعا صوت الإله متمشياً في الجنة ! فاختبئا عنه في شجر الجنة ، فنادى الله آدم : أين أنت ؟!
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٣١.
(٢) سورة طه : ٢٠ / ١٢٠.
(٣) سورة الأعراف : ٧ / ٢٢.
(٤) سورة الأعراف : ٧ / ٢٧.