الفقرة الثانية : تاريخ التوراة (١)
احياناً يكتفي مؤلف مقدمة الكتاب المقدس بأن يجيب بأن مؤلف كل هذه الكتب هو الرب ، لكي يسد الطريق على أي تساؤل ! وأحياناً اخرىٰ يضيف الى هذه الاجابة تصحيحاً يقول فيه : إن هناك تفاصيل قد أضافها بشر الى النص الاول ، وإن الطابع المشكوك فيه لفقرةٍ ما في هذا النص لا تحرّف الحقيقة العامة التي تنبع منه !
ولكن إذا حدث ورجع القارئ الى المؤلفات التي كتبها بعض رجال الدين للخاصة وليس لعامة الجمهور ، فسيكتشف أن مسألة أسفار الكتاب المقدس مسألة أكثر تعقيداً مما كان يظن بداءة.
وهناك دراسات فيها معطيات دقيقة ، كدراسة ادموند جاكوب « العهد القديم » التي تعطي رؤية شاملة عن الموضوع.
يثبت جاكوب الى انه في البدء لم يكن هناك نصّ واحد فقط ، بل كان هناك تعدد في النصوص ، ففي القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً كان هناك على الأقل ثلاث مدونات للنص العبري للتوراة :
ـ النص المحقق الماسوري.
ـ النص الذي استخدم جزئياً في الترجمة الى اليونانية.
ـ النص المعروف بالسامري ، أو أسفار موسىٰ الخمسة.
ثم بعد ذلك في القرن الأول قبل الميلاد صار الاتجاه الى تدوين نصّ واحد ، ولكن تدوين نص الكتاب المقدس لم يتم إلّا في القرن الأول بعد الميلاد (٢).
_______________________
(١) هذا المبحث أخذناه باختصار عن : القرآن والتوراة والإنجيل والعلم ـ دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة / موريس بوكاي.
(٢) موريس بوكاي / المصدر المذكور : ٢٠ ـ ٢١.