ا. كولمان إن الكاتب ، أي متّىٰ ، يخاطب « أناسا ، وإن كانوا يتحدثون اليونانية ، فإنهم يعرفون العادات اليهودية واللغة الآرامية » (١).
أما بالنسبة للمعلقين على الترجمة المسكونية فإن أصل هذا الانجيل يبدو كما يلي : « يقدر غالبا أن انجيل متّى قد كتب بسوريا ، وربما بأنطاكيا أو بفينقيا ، ففي هذه المناطق كان يعيش عدد كبير من اليهود وقد يمكن أن نستشف معركة فكرية ضد اليهودية المعبدية الاورثوذكسية الغريزية التي ظهرت بالمجمع الكنسي اليهودي بجامينا في نحو عام ٨٠ م ، في ظل هذه الظروف يكثر عدد الكتاب الذين يؤرخون للأنجيل الأوّل ما بين عامي ٨٠ ، و ٩٠م ، أو ربما قبل ذلك بقليل ، ولايمكن الوصول إلى يقين كامل في هذا الموضوع.
ولما كان اسم المؤلف غير معروف بالتحديد ، فالأنسب هو الاكتفاء ببعض الخطوط المرسومة في انجيل متّىٰ نفسه ومنها : أن الكاتب معروف بمهنته ، وأنه متبحر في الكتب المقدسة والتراث اليهودي ، وأنه يعرف ويحترم رؤساء شعبه اليهود ، وإن أغلظ في خطابه لهم ، كما أنه استاذ في فن التدريس ، وفي إفهام قول المسيح لمستمعيه مع تأكيده الدائم على النتائج العملية لتعاليمه. وأنه يتفق جيداً مع ملامح يهودي متأدب اعتنق المسيحية ، وهو معلم حاذق « يخرج من كنزه جديداً وقديماً » ، كما يشير إلى هذا إنجيله نفسه (الإصحاح ١٣ ، الآية ٥٢). تلك صورة بعيدة كل البعد عن صورة الموظف البيروقراطي بكفر ناحوم الذي يطلق عليه مرقص ولوقا اسم ليفي ، والذي اصبح واحداً من
_______________________
(١) موريس بوكاي : ٨٣.