فكرة تقول إن الرحمة والخلاص يمكن أن تأتي على يدي فرد من البشر يعتبر فقط شخصاً مستقيماً وإنساناً صالحاً. فإذا أراد بولص نتائج سريعة لمهمته فإنه كان يعرف أنه يجب عليه أن « يُلطّف أو يعدّل » الأمور قليلاً آخذاً بنظر الاعتبار ثقافة السكان غير اليهود (١).
لقد كان نجاح بولص ساحقاً في جهوده التبشرية اللاحقة خصوصاً مع التنازلات التي أعطاها لغير اليهود. وبالرغم من أن الديانة المسيحية تأخذ اسمها من عيسىٰ المسيح ، فأن بولص الطرطوسي يجب أن يعتبر هو مؤسسها الحقيقي لأنه الشخص الذي اختمرت في ذهنه كل عقائدها وأقام كنائسها في كل العالم المعروف في زمانه. والمسيحيون لاينكرون ذلك أيضاً : « ليس هناك شخص في التاريخ المسيحي يمكن أن يُضاهي أو أنّ له ذلك التأثير الهائل مثل ذلك الذي لشاؤول الطرطوسي » ففي كتابه « المئة : تقييم الأشخاص الأكثر أهمية في التاريخ » فإنَّ المؤلف مايكل هارت يوافق على ذلك بقوله :
« ليس هناك شخص لعب دوراً من الضخامة كالدور الذي لعبه بولص في إشاعة المسيحية » (٢).
ولكن هناك مشكلة كبيرة في هذه الصورة على أية حال ، وهي أنّ تعاليم بولص ، والمؤسس الحقيقي للمسيحية ، لايمكن العثور عليها في أي مكان من تعاليم عيسىٰ أو في تعاليم الأنبياء الذين سبقوه. ليس هذا فقط ولكن بولص لم يكن له إلّا اتصال قليل مع الحواريين الحقيقيين لعيسى ، والذين كان من
_______________________
(١) نظرة عن قرب في المسيحية : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) المصدر : ٢١ ـ ٢٢.