الممكن أن يوجهوه إلى الطريق الصحيح. فهؤلاء لم يكونوا على وفاق مع تعاليم بولص المبتكرة وأخبروه بذلك كلّما كان ذلك ممكناً.
وفي النهاية على أي حال ، فإنّ نوع المسيحية التي نادىٰ بها بولص إنّما أحرز فيها النجاح بفضل شخصيّته الساحرة ، إضافة إلى حقيقة أنه وأصحابه غلبوا الحواريين الحقيقيين لعيسى في أمور مهمة كالوجاهة الاجتماعية والثروة والتعليم ، ولذلك حصل على اتباع كثيرين من بين السكان غير اليهود. فالمسيحية ـ اليهودية ، أي عقيدة حواريي عيسىٰ ، لم تكن لها أيّة فرصة للنهوض (١).
بقوله إن عيسىٰ كان إلهاً ، فإنّ بولص استطاع أن يتقرب إلى الجماهير غير اليهودية في عبارات كانت مألوفة لديها جيداً ، وكان نجاحه لذلك مؤكداً. إن حماسه وشخصيته الجذابة مضافين إلى استعداده التام ليضع حلاً توفيقياً بين الرسالة الحقيقية لعيسىٰ وبين العقائد الوثنية ، قد قادته لأن يخلع صفة « البُنوة الالهية » على عيسىٰ.
وهذه عقيدة مشكوك فيها على أحسن الفروض ، لأن « البُنوة » تصف شخصاً قد خُلِق ، بينما « الالهية » تصف كائناً أزلياً في طبيعته.
وفي وقت لاحق فإن قادة الكنيسة فكروا بطريقة أنيقة يُنهون بها هذا اللبس بقولهم إن عيسىٰ كان هو الله ـ مجسداً على هيئة انسان ـ وهو كائن أزلي اختار أن يصبح إنساناً في رحم مريم. أي إن عيسىٰ ـ بكلمة أخرى ـ له طبيعتان : إلهية وبشرية ، وقد تم اتحادهما في شخص واحد. وربما كانت نية
_______________________
(١) نظرة عن قرب في المسيحية : ٢٢.