ورغم أن الامبراطور لم يكن واثقاً من عقيدة الكنيسة ، ولكنه كان متأكداً من أن كنيسة موحدة كانت ضرورية لمملكة قوية. وعندما فشل المطران الذي عيّنه قسطنطين في فض النزاع ، فقد دعا الامبراطور إلى عقد أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة ، وقد تم ذلك في عام ٣٢٥ ميلادية في مدينة نيقية في آسيا الصغرى. وقد حضر الاجتماع ٣٠٠ من المطارنة. وبعد ستة أسابيع من النقاش تم تشكيل عقيدة التثليث : إن الله الذي يعتقد به المسيحيون قد صوّر على أنه يمتلك ثلاثة جواهر ـ أو طبائع ـ في هيئة الأب والابن وروح القدس. فالعقيدة التي خرج بها المجمع نصّت على ما يلي :
« نحن نعبد إلهاً واحداً في الثالوث ، والثالوث في التوحيد ، لأنّ هناك شخصاً للأب ، وآخر للابن ، وآخر لروح القدس. إنهم ليسوا ثلاثة آلهة ولكن إله واحد. فكل الاشخاص الثلاثة هم أزليون معاً ومتساوون معاً ، وهكذا فإن الانسان الناجي هو ذلك الذي يعتقد بالثالوث » (١).
ولكن المسألة لم تكن قد انتهت رغم الآمال الكبيرة التي علقها الامبراطور على انعقاد المجمع ، فإن أريوس ومطران الاسكندرية الجديد واسمه أثاناسيوس شرعا في الجدال حول المسألة حتى عندما كانت عقيدة نيقية في طور التوقيع. وهكذا أصبحت الأريوسية شعاراً منذ ذلك الحين لكل من لايُقرّ بالاعتقاد بنظرية الثالوث (٢).
وفي عام ٤٥١ للميلاد ، وفي مجمع خلقيدونيا المسكوني ، تم إقرار
_______________________
(١) مقتطفات من عقيدة أثاناسيوس.
(٢) نظرة عن قرب في المسيحية : ٣٦ ـ ٣٧.