وحسب ما يقوله بولص فإن مخلص البشرية جاء في هيئة عيسىٰ : « إنّ الله أرسل ابنه الوحيد إلى الأرض حتى يتحمل الألم والموت على الصليب ، لكي تكون إراقة دمه هي التي تكفّر عن خطايا البشر ». إنّ عيسىٰ كان هو الضحية القربانية.
إن بولص تذكّر القرابين التي يقدمها اليهود لله في العهد القديم ، وبطريقة ما قرّر أن هذه القرابين كانت تُقدّم حتى يتلقى الناس عفو الله عن ذنوبهم. وبينما كانت القرابين تُقدم من قبل اليهود القدماء من أجل التكفير ، فإنّ الأنبياء الذين جاؤوا بعد ذلك أمروا بأن يكف اليهود عن ذلك. ففي هُوشع ٦ : ٦ ، مثلاً ، نقرأ :
« لأنني أرغب في حُبّ ثابت وليس في قربان ».
إنّ الله أراد حباً ـ وهذا يأتي من إيمانٍ به وطاعة لقوانينه ـ ولم يطلب دماً ، إنّ عيسىٰ أكّد هذا المفهوم مرة أخرى في إنجيل متّىٰ ٩ : ١٣ حيث نقرأ :
« اذهبوا وتعلموا ماذا يعني هذا الكلام : أنا أرغب في الرحمة وليس في القربان »
أما بولص فقد ازاح كل هذا جانبا على أية حال قائلاً : إنّ عيسىٰ ، وهو كائن كامل ، أصبح « القربان الأكبر » عندما قدّم حياته على الصليب.
إن نظرية بولص هي أن الله لايمكن اعتباره عادلاً إلّا إذا اقتص من الخطاة ، والتوبة وحدها ببساطة لاتستطيع أن تقدم التبرير « الضروري » للذنوب المرتكبة. فالتكفير ـ كما يقول هو ـ ضروري لأنّ شرف الله وعدالته وقدسيته وكماله لايمكن أن تتحقق « بمجرد » التوبة.
وبالنسبة إلى المسيحي فإنّ عيسىٰ
صالح الناس مع الله من خلال موته. لقد ألقى المؤلف المسيحي أنيس شروش نظرة متمعنة على هذه المسألة منذ