في الواقع ، أكثر تشابكاً وتستحق وقفة عندها :
تذكر رواية التوراة ، ودون أي غموض ، تمام الخلق في ستة أيام يتبعها يوم الراحة ، يوم السبت ، وذلك بالتجانس مع أيام الأسبوع. ولقد رأينا أن هذه الطريقة في السرد التي استخدمها كهنة القرن السادس قبل الميلاد تستجيب لنيات الحض على ممارسة سبت الراحة : فعلى كل يهودي أن يستريح يوم السبت (١) كما فعل الرب بعد أن عمل طيلة أيام الأسبوع الستة.
إن كلمة « يوم » كما يفهم من التوراة تعرف المسافة الزمنية بين إشراقين متواليين للشمس أو غروبين متواليين ، وذلك بالنسبة لسكان الأرض. إن اليوم ، وقد تحدد بهذا المعنى ، يرتبط وظيفياً بدوران الأرض حول نفسها. وواضح تماماً أنه من المستحيل منطقياً أن نتحدث عن « الأيام » بهذا المعنى ذلك أن وجود الأرض ودورانها حول الشمس ، لم تكن قد أنشئت بعد عند أول مراحل الخلق وذلك بحسب رواية التوراة.
أما إذا رجعنا إلى نصوص غالبية ترجمات القرآن فإننا نقرأ فيها ـ بالتجانس مع ما تعلمنا التوراة به ـ أن القرآن يقول هو أيضاً بامتداد عملية الخلق على مدة ستة أيام. ولا يمكن بالطبع أن نعتب على المترجمين أنهم قد ترجموا كلمة « يوم » بالكلمة المعادلة لأكثر المعاني شيوعاً للكلمة العربية. وهكذا تعبر عنها الترجمات عادة مادمنا نقرأ : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) (٢).
_______________________
(١) أتت كلمة « سبت » من فعل في العبرية يعني الأرتياح.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ٥٤.