وقليلة حقّاً ترجمات القرآن أو التعليقات التي تنبه إلى أن كلمة أيام ، في الواقع ، يجب أن تفهم على أنها تعني « مراحل ». بل لقد ادعى البعض القول بأنه إذا كانت نصوص القرآن الخاصة بالخلق قد قسمت مراحل الخلق في « أيام » فقد كان ذلك يهدف عن قصد إلى استئناف ما كان الكل ، من يهود ومسيحيين في فجر الإسلام ، يعتقد به ، وذلك تجنباً لمجابهة اعتقاد منتشر.
إن الكلمة مفردة تنحو إلى الدلالة على النهار أكثر منها للدلالة على فترة زمنية بين غروب الشمس وغروبها في اليوم التالي. أما إذا جمعت فلا تعني فقط أيام ، أي وحدات تتكون كل منها من أربع وعشرين ساعة ، بل تعني أيضاً دهراً طويلاً أو فترة من الزمن غير محدودة وإن طالت. ومن ناحية أخرى فمعنى « فترة زمنية » التي يمكن للكلمة أن تدل عليها موجودة أيضاً في القرآن : ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) (١).
ومما هو جدير بالملاحظة أن الآية السابقة على الآية ٥ تذكر بالتحديد الخلق في ستة « أَيّامٍ ».
( ... فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) (٢).
وهذا قد بهر كثيراً من المفسرين القدامي الذين كانوا لايملكون بالطبع أي معارف من تلك التي نملكها اليوم عن مدة مراحل تكوّن الكون ، فظن أبو السعود (٣) ، الذي لم يكن يملك معرفة عن اليوم كما يحدده علم الفلك
_______________________
(١) سورة السجدة : ٣٢ / ٥.
(٢) سورة المعارج : ٧٠ / ٤.
(٣) مفسّر ، توفي سنة ٩٨٢ هـ.